تخالُه من فُتُورٍ ... مَناحَةُ الأيتام
مُفزَّعِينَ وُجُوماً ... يبكونَ فوقَ رِجَام
يا مَاثِلاً لعُيونِي ... وطائفاً في منامي
وسابحاً في سُكُوتِي ... وسارباً في كلامي
وحاسِراً عن فؤاد ... صَبٍّ فضُولَ اللِّثام
أفْنَى شَكاتي، وأَوْدى ... بِعَتْبِهِ ومَلامي
ما كنتُ أحسبُ دَلاَّ ... يَسيلُ سَيْلَ انتقام
أو أنَّ سُكْرَ شبابٍ ... يحورُ سُكْرَ عُرَام
يَقسُو فيرمي بسهمٍ ... مَهْدَ الجُرُوح الدوامي
أحببتُ مِلَْء فؤادي ... ومِلؤُهُ أوهامي
حتَّى وجَدْتُ كأني ... أعيشُ منْ أحلامي
ملأْتِ دُنيايَ نوراً ... يُضيءُ دُنيا الأنام
فكلّ مَرْأى عليه ... حَلاوَةٌ من وَسام
يَغْذُوهُ نورُكِ حُسناً ... حيّاً كصَوْبِ الغَمام
فما ترى العينُ إلاّ ... زَهْراً على أكمام
أنفاسهُ عَطِراتٌ ... نشوَى بغير مُدَام
ممثَّلاتٌ لرُوحِي ... مُعَرْبِدَاتَ القَوَام
أُصْغِي، إخالُ، كأني ... أُصْغِي إلى أنغام
تدنو فأدنو، فتفنَى ... أنغامُها في ظَلام
وتارةً هي هَمْسٌ ... كلمحَةٍ من سَلاَم
كأنها في ضميري ... تُسِرُّ بعضَ الغَرام
أو يستطيرُ سَنَاها ... في القلب ضوَء ابتسام
أوَّاهُ من خَطَراتٍ ... تقودُني بزِمام
لا تملكُ النَّفس منها ... إلاّ رمادَ الكلام
قد كان جَمْراً فنامتْ ... أيقاظُهُ في النِّيام