لو أن هذا الكتاب لم ينشر، والفائدة التي تعود على القارئ من قرأته، ثم الحديث عن مؤلفه ومنزلته بين أشباهه من علماء هذا الفن، والباعث له على تأليف هذا الكتاب؛ وما إلى ذلك من الأمور التي تعني جمهور القراء عامة دون فرد أو أفراد
أما تلك الأمور التصحيحية التي تعتبر من جزيئات الجزيئات والتي لا يعنى بها غير مصحح الكتاب وحده دون غيره من القراء، فإن نشرها في الصحف ليس مما تقتضيه العقلية العلمية
وذلك كأن يذكر الناقد كلمة محرفة - في زعمه - بين ملايين من الكلمات الصحيحة، أو حرفاً معجماً حقه الإهمال، أو مهملاً حقه الأعجام بين ملايين الحروف التي روعي إعجامها وإهمالها، أو نقطة في موضع شولة، أو العكس، أو قوسين وضعا موضع خطين، أو خطين وضعا موضع قوسين، أو تفسير كلمة قد استظهره مصحح الكتاب، ثم بدا للناقد تفسير آخر، فإن أمثال هذه الملاحظات لا تساوي ما يبذل فيها من ورق ومداد. وأيضاً فأنه لا يمكن قراء هذه الملاحظات في الصحف معرفة صوابها من خطئها، ولا تميز حقها من باطلها، إذ لا يمكن ذلك إلا بقراءة الملاحظة، ثم مطالعة موضعها في الكتاب وأصله معاً حتى يتبين للقارئ صواب النقد من خطئه، ولا يتأنى ذلك لقراء الصحف غالباً كما هو معروف
وأولى بهذا الصنف من النقاد أن يبعثوا بجميع ملاحظاتهم التي من هذا النوع إلى مصحح الكتاب ليدرسها ثم يستدركها في الطبعة الثانية إن كانت مما يستحق الاستدراك، كما فعل الأستاذ محمد على بك في ملاحظاته على الكتاب الذي نحن بصدده، فإنه بعث بها جميعاً إلى الأستاذ أحمد أمين مختتمةً بعبارات الإعجاب والتقدير والشكر، وقد نشرها الأستاذ أمين في آخر الجزء الأول من هذا الكتاب مقدمة بالشكر الجزيل والثناء الجميل على صاحبها
وبعد، فالمطلع على هذا النقد اطلاعاً منصفاً يرى أنه - على طوله واتساع كاتبيه في شرحه وتبرير ما فيه من الملاحظات - يرجع في جملته إلى اختلاف وجهتي النظر بين المصحح والناقد، والتباين في ذوقيهما أكثر مما يرجع إلى حقائق علمية أو نصوص ثابتة، ولا يعترض بنظر على نظر ولا بذوق على ذوق
ومن أمثال ذلك ما أطال به الدكتور بشر في مقاله من ذكر شولات ونقط، وما إلى ذلك مما