للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الفن؛ والعنصر المتغلغل في مصر الإسلامية، وهو الدين والأدب والفن العربي الإسلامي؛ والعنصر المتلبس بحياتنا الحاضرة منذ اتصلنا بغيرنا من الأمم التي نتعاون معها أو ننافسها، وهو العنصر الأوربي الجديد، وسترى بعد ما هو عند الدكتور طه

أما العنصر الأول، وهو الفن الفرعوني القديم، فأنا أدعه للكلمة الآتية، فإن اللَّبس كثير فيه، وقد زلّ على مزالقه أكثر أصحابنا ممن فُتنوا به عن صواب الرأي. وأنا أحب أن أتناوله بالبيان الذي يدفع عن مصر شرّاً كثيراً ويحقق لها ما نتمناه جميعاً من الخير

وأما العنصر الإسلامي من الدين والأدب والفن، فقد أجاد الدكتور طه في الدعوة إلى العناية به لأنه أصل المدنية، ومن جَهِل في بلاد مصر - أو بلاد العربية على اختلافها - تاريخ الإسلام فقد حطّ في مَهوىً ينقطع به حبله الذي يصله إلى قومه وإلى حضارته وإلى مستقبل هذه الحضارة التي سوف تنبعث بنورها مرة ثانية في جنبات الشرق فيما أرى. ولكن الدكتور طه بعد أن تكلم عن الاجتماع العربي أو الإسلامي الذي عاشت عليه الأمة المصرية هذه الأجيال ولم تجد به بأساً - كما يقول - عاد فاستدرك عليه بقوله: (بشرط أن يتابع تطور المدنية الحديثة). فأنا والدكتور طه وكل عربي قد درِب بالحضارة وجرَّبها يعرف أن البناء الاجتماعي هو أصل المدينة، وأن الاجتماع إذا صلح استطاعت كل القوى أن تعمل في بناء الحضارة بعقائدها وآرائها وإيمانها وفلسفتها؛ فإذا أردنا أن نجعل النظام الاجتماعي الإسلامي في العمل والتشريع والسياسة هو النظام فمن الخطأ الذاهب في الفساد أن نخضعه لتطور مدنية أخرى قد بُني اجتماعها على المسيحية في التشريع والسياسة والأخلاق. فمصر والشرق الإسلامي إذا أراد أن ينهض فلا بد له - كما قال الدكتور طه - أن يستمد نهضته من أصول الاجتماع الذي يربطه به التاريخ والدم والوطن واللسان والدين والوراثة، وإذا ساير فإنما يساير في فكرة مطلقة وهي (النهضة والحضارة والمدنية الإنسانية) على الطريق الذي يوافق طبيعة هذا الاجتماع. أما المدنية الحديثة فقد بنيت على غير ذلك وقد تطورت على أصوله؛ وليس بعد خطبة الملك جورج ملك الإنجليز ما يدع موضعاً للشك، فقد خطب الملك يوم ٢٥ ديسمبر سنة ١٩٣٩ في الاحتفال بعيد ميلاد المسيح - صلوات الله عليه - فذكر الاتحاد الإنجليزي الفرنسي للحرب ضد ألمانيا النازية فكان مما جاء في خطبته (ترجمة الأهرام): (إني أومن من أعماق قلبي بأن القضية التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>