للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الخليفة الأصلي والمدعي للخلافة. ومما يقوي فكرة وقوع هذا اللبس أن ابن الأثير عندما ذكر حادثة تحريض سديف الشاعر على قتل بني أمية أسندها أول الأمر إلى عبد الله بن علي ثم عاد فقال: (وقيل أن سديفاً أنشد هذا الشعر للسفاح ومعه كانت الحادثة) فقد نسب إلى أبى العباس مأساة قتل بني أمية مع أن المرتكب لها على التحقيق هو عبد الله بن علي، والخلط في نسبة الحوادث المفظعة التي أتاها عبد الله بن علي إلى أبى العباس جر معه انتقال لقب (السفاح) إلى أبى العباس. وأني اعترف بأن هذا تأول مني واجتهاد، ولكنه اجتهاد في حدود النصوص والوقائع الثابتة، وليس مجرد ادعاء كما وصفه الأستاذ شاكر في العدد ٣٤٢ من الرسالة الغراء.

هذه خلاصة بحثي في هذا الموضوع. ولقد نشر الأستاذ شاكر في مجلة (الثقافة) مقالاً قيماً عنوانه (كلمة في التاريخ) امتدح في بعض حواشيه بحثي هذا حتى لحيل إلى أن الأستاذ اخذ بوجهة نظري في هذا الموضوع واغتبطت بذلك أيما اغتباط، ولكني رأيت الأستاذ عاد فأعلن في العدد ٣٤٠ من الرسالة أنه يخالفني كل المخالفة ووعد ببحث الموضوع. وقد بحثه في العدد ٣٤٢ من الرسالة، وبحثه يقوم على أمور: أولها أن لقب (السفاح) مضافاً إلى أبى العباس إنما هو للمدح لا للذم، ومعناه الكريم المعطاء للأموال. وثانيها أن أحاديث من أحاديث النبوءات يراها الأستاذ صحيحة قد ذكرت (السفاح) بالمعنى المذكور، فليس بعيداً أن يكون أبو العباس قد لقبه أبوه بهذا اللقب قبل الخلافة تفاؤلاً. وثالثها يقول بوجوب الأخذ برواية الجاحظ التي تلقب أبا العباس بالسفاح. والذي يمنع عندي من الأخذ بالأمر الأول هو أنه ليس له سند تاريخي، واللفظ من حيث اللغة يحتمل أن يكون للمدح وإن يكون للذم. فما النص التاريخي الذي يخصصه للمدح؟ أما من حيث الأمر الثاني فلنفرض أن الأحاديث والروايات الواردة في السفاح والمهدي والسفياني والفخطاني والملاحم صحيحة، فما الدليل على أن أبا العباس قد لقبه أبوه بالسفاح تفاؤلاً واستنجازاً لموعود هذه الأحاديث؟

أما من حيث رواية الجاحظ فلست أدري كيف يوفق الأستاذ شاكر بينها وبين تفسيره السفاح (بالكريم المعطاء فإن السفاح) في كتب الجاحظ وابن قتيبة وأبى الفرج معناه (القتال السفاك للدماء)

<<  <  ج:
ص:  >  >>