وتُشبِهُ الظُّلمةُ فيها المَنون ... تَعِجُّ بالوحشةِ شُطآنُها
يا ظُلمةَ الليلِ نَسيتُ السّنا ... وِنمتُ عنْ رَوْعِتهْ
قلبي المعنَّى قبلَ مَوْتِ المُنى ... كم هامَ في فتْنتِهْ
كم هامَ بالصُّبحِ كسا الأغصُنا ... بالساِكبِ المُنهلَّ من عُرْته
يَرفُّ مأخوذاً بهِ ما دنَا ... وينَهلُ الفَرْحةَ من طَلْعتِه
الويلُ لي! يَزدادُ حولي السُّكونْ ... إلا أنينَ الريّاحْ
كأنما طافَ الكرَى بالغُصونْ ... ولفَّها باَلجناحْ
ساهمةٌ تقرأ فيها العيون ... هذا الأسى الساري بكلَّ النَّواح
يا ويَح قلبي أذْهلَتهُ الشُّجون ... حتى كأنْ لم يَدرِ معنى المِراح!
ذابتْ على الجوَّ فلولُ الرَّقيعْ ... وماتَ فيهِ السَّنا
وأنكرَتْ عينايَ هذا القطيعْ ... أقبلَ وانِى الُخطى
في إثْرهِ يَشكو وما مِن شَفيع ... الصامتُ المكدودُ، طولَ العنا
وَدَوَّمَ الخُفَّاشُ حَوْلي يُذيع ... في خَفقِتهِ قُرْبَ نُزول الدُّجى
وا حربَا ما انفكَّ مرْأَى الأصيلْ ... يوقظُ أوهاِمَيهْ
يُعيدُ للنفسِ مَساَء الرَّحيل ... وسُودِ أياِميَهْ
حينَ افترقنا بعد صَمتٍ طَويل ... لا قَوْلَ إلا الأدمعُ الهاِمَيه
والشمسُ تمضي غير نورٍ ضئيل ... مُحتضَرٍ يَفنَى كأحلاِميَه
مضَيتُ لهفانَ أذودُ الجوَى ... عنْ قَلْبَي اليائسِ
أقولُ دَعْ ذكرانَ يَوْمِ النَّوَى ... وعَهْدِهِ الدارسِ
قدْ كنتَ يا قلبُ نَسيتَ الهوَى ... إلاّ بَقايا من أسًى هاِجس
رَبيعُكَ الطّلقُ توَلىِ سوَى ... وسَاِوس من زَهْرهِ اليابِس