بطريقتين لأتمت إحداهما بصلة إلى الأخرى ليقوم دليلاً قاطعاً على حقيقة وجود الذرات والإلكترونات وبرهاناً ساطعاً على صحة أقدارها، ولقد حدث هذا الاتفاق في النتائج بين أعمال (بيران) وأعمال (مليكان) على وجه يبعث على الاطمئنان.
وعند ظني أن كليهما ازدادت ثقته بعمله عندما طالع نشرات الآخر، وثبت في يقينه أن هذا الذي توصل إليه يمثل بلا أدنى ريب حقيقة في الكون، وزادت بينته بأن عمله الفردي يعيد جد البعد عن أن يكون وليد المصادفة التي لا تمت لقوانين العالم في شيء.
ومع ذلك فثمة ظواهر أخرى عديدة دلت هي أيضاً وبطريقة تختلف عن طريقتي (بيران) و (مليكان) على قدر الذرة وقدر الإلكترون، وعلى أن المادة هي المادة كما عرفها بيران وكما فهمها مليكان.
على أننا نذكر بعض هذه الظواهر الأخرى التي توصل بها علماء عديدون إلى كشف الذرة والإلكترون، والى تعيين أقدارها، ففي دراسة لون السماء أو ميوعة الغازات أو نظام انتشار الضوء في الأرجون، بل في تتبع طيف ما يسميه الطبيعيون بالجسم الأسود أو في تكوين الهيليوم من العناصر المشعة، في دراسة هذه الظواهر الخمسة، المختلفة نشأة، المتباينة طريقة، وجد الباحثون كل بدوره سبيلاً آخر لتعيين عدد أفوجادرو هذا العدد الذي يبلغ في تجارب عديدة ٦٨ ٢٢١٠ وبالتالي وصل الباحثون إلى معرفة قدر الذرة وقدر الإلكترون.
هذه أرقام تتحدث وفي حديثها الشائق دليل على وجود هذا العدد للذرات في حجم معين ودليل على قدرها وقدر الإلكترون بالدرجة التي قررها الباحثون.
أجل. أن تكون السماء زرقاء صافية هذه الزرقة التي نراها والتي تعودتها العيون، وإن يكون للغازات ميوعة تدل عليها النظرية السينيتيكية التي أشرنا إليها وأن ينتشر الضوء في الأرجون بنظام خاص، وأن يكون لطيف الجسم الأسود دلالة معينة، وأن يكون للأجسام المشعة نظام في إشعاعها فإن هذه مظاهر مختلفة ومرئيات متباينة، ولكنها تدل جميعها على وجود الذرات بالحجم والوزن اللذين لها، وتدل على عدد ما يوجد منها في الغازات في الحجم الواحد وتدل أيضاً على ما للإلكترون من كيان.
هذا الاتفاق في النتائج وفي الرقم السابق الذي يتعدى كل خيال يحمل الإنسان المفكر على