- نعم، هي أشمس، أميرة الأميرات، وأقربهن صلة بفرعون الأعلى!
- أتمم حديثك. . .
- رأيتها يوماً تتنزه في بستانها، فسحرني لأول نظرة جمالها؛ رأيتها ترتاد الخمائل في حاشيتها؛ فجعلت أرقبها خلف دغل من الأشجار، وأضاءت نفسي على التو شمس وهاجة أنارت لي دنيا عظيمة كانت مختفية عني. وإذا بي أقطع على نفسي عهداً بأنها لن تكون لسواي. . . ولما عدت إلى داري، وراجعت هجسات ضميري، هزئت بنفسي، وكلي سخط وألم. ولكن عهدي ما زال ثابتاً على الرغم من كل شيء، لا يتقهقر ولا يتزايل، بل يتقدم في جرأة وإقدام. . . ولكن كيف أنفذ ذلك العهد؟ هذا ما كان يحيرني ويحز في قلبي. منذ ذلك اليوم جعلت طريقي إلى بستانها لا أعرف سواه، أقضي على مقربة منه يومي، أراها ولا تراني. فإذا ما صعدت في قصرها انتحيت نحو الشاطئ، وتخيرت مكاناً ظليلاً، وبثثت شكواي للناي، فكنت أسمعه أحياناً يهمس لي:(لماذا لا تحاول التقرب إليها؟. . . . . . لماذا لا تكشف لها عن كوامن صدرك؟. . .)
- ولماذا لم تصدع بما أوحي لك به نايك؟
- أتريد مني أن أستمع لذلك الساذج الغرير؟ ألم أقل لك من هي؟ أن فيها من دم الآلهة يا أبت!. . . وكلنا نعلم أن عظاماً تقدموا إليها بقلوبهم، فردتهم خائبين. . . لقد أمضيت يا أبت الليالي الطوال أفكر في مصيري معها. . . لابد أن تقع معجزة تحولني من صعلوك بائس إلى أمير يفوق جميع الأمراء، يرضاه فرعون وترعاها ايزيس. . . وكان أن اشتد بي الضيق يوماً، فجريت صوب النهر، وهممت أن ألقي بنفسي إلى التماسيح. . . في تلك الساعة الفاصلة، سمعت هاتفاً يقول لي:(اذهب إلى حابي الحكيم، فعنده تتم المعجزة)
فتمتم (الشيخ حابي):
- أقال لك الهاتف ذلك؟
- قسما بإيزيس ربة الأرباب، لقد سمعت صوته واضحاً يرن في أذني. وكانت التماسيح قد خرجت برءوسها تنظر إلي متنمرة فوجدتني في لحظة أقفز متراجعاً عن النهر، وانطلقت أعدوا. . . أكنت أعدو حقا؟ لا أدري! كنت أحس أني محمول بقوة خارقة غير منظورة. .