للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شعر شاعرنا جار على القوانين النحوية والصرفية لا يشذ عنها، ولا يخرج عليها، اللهم إذا استثنينا قطعة لهمزة الوصل أحياناً وأخذه بمذهب: وحملت زفرات الضحى، ذللك المذهب الذي يسكن عين جميع المؤنث السالم حينما تكون الفاء مفتوحة وهو لا يلجأ إلى ذلك إلا مضطراً مكرهاً، كما أنه لم يلجأ - وعلى الأقل في هذا الشعر الذي بين أيدينا - إلى أساليب العامة إلا في النادر الأٌل كقوله:

يبكى به الاقلام نفلا محرفا

= تموت معانيه عليه من الضحك

ويحسن بنا أن نقول: إن ابن قلاقس كان ينظر إلى الشعر نظرته إلى شيء يثير العاطفة، فالشعر ليس كاملاً مزخرفاً فحسب، ولكنه قول يثير في النفس عاطفة تدعو إما إلى الزهد في الدنيا أو الاقبال على لذتها وحسنها وجمالها.

أهم ما طرقه ابن قلاقس من الاغراض المدح، والغزل والوصف، والعتاب والرثاء والهجاء، وهي كلها من أنواع الشعر الغنائي الذي لا قصص فيه ولا تمثيل، ومدح شاعرنا أكثر هذه الأنواع وأوفرها قد أخذ بحظ من الجمال وحظ من الرقة، تقل فيه المغالاة والاغراق، وشاعرنا ينظر إلى شعر المدح نظرته إلى العقد الذي يربط محاسن الممدوح؛ وينظمها في قرن واحد، ولولا الشعر لظلت هذه المحاسن متفرقة غير مجتمعة، فهو يقول:

وما الشعر الا سلك منتثر العلا

= ينظم فيه درها المتبدد

ويقول:

إذا ما المجد لم يضبط بشعر

= فقد أضحى بمدرجة الضياع

غير أننا نتساءل: أكان شاعرنا يتكسب بشعره؟ وإذا كان فماذا كان نصيبه من ممدوحيه؟ أما أنه كان يتكسب بشعره فاننا نراه يقول

تأبى له الهمة أن

= أجعل شعري مكسبي

غير أننا بالرغم من ذلك البيت نكاد نوقن بأن شعره كان وسيلة من وسائل كسبه، يدلنا عليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>