قال الشيخ شهاب الدين الحلبي: كنت في نوبة حمص في واقعة التتار جالسا على سطح باب الإسطبل السلطاني بدمشق إذ أقبل آل مرا زهاء أربعة آلاف فارس شاكين في السلاح على الخيل المسّومة والجياد المطهمة وعليهم الكزغندات الحمر، والأطلس المعدني والديباج الرومي، وعلى رؤوسهم البيض كأنهم صقور على صقور، وأمامهم العبيد تميل على الركائب ويرقصون بتراقص المهارى، وبين أيديهم الجنائب، ووراءهم الظعائن والخمول، ومعهم مغنية لهم تعرَف بالحضرَمية طائرة السمعة سافرة من الهودج وهي تغني:
وكنا حسبنا كل بيضاء شحمة ... لياليَ لاقينا جُذاماً وحميرا
ولما لقينا عصبة تغلبية ... يقودون جرداً للمنية ضُمّرا
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعض تأَبى النبع أن يتكسرا
سقيناهم كأساً سقونا بمثلها ... ولكنهم كانوا على الموت اصبرا
ودارت الحرب عند حمص يوم الجمعة خامس عشر المحرم سنة تسع وخمسين وتسعمائة، فإن تسألني كيف كانت عاقبتها فهي العاقبة التي بشرت بها موقعة عين جالوت