وَصِفَا مِن جانِب الرَّحْمَنِ حَشْدا ... مَلأ البَاطِلَ رُعْبًا لو تَبَدَّى
طافَ بالغَارِ أُولو أَجْنِحَةٍ ... قَدْ تلاقَوْا عِنْدَهُ وَفداً فَوَفْدَا
مِن جُنُودٍ لم يَرَوْها حُوَّمٍ ... أيْنَ مَن يَحْشُدُ كالرَّحْمَنِ جُنْداَ؟
حَيّيا أسماَء كالطّيْفِ الرَّفِيقْ ... تَسْرِقُ الخطْوَ عَلَى هَوْلِ الطريق!
تَحْمِلُ الزْادَ عَشِيَّا وَحْدَها ... ذَاتُ قَلْبٍ هُوَ بَالخَوْفِ خِليقْ
يا اْبنَةَ الصّديق هلْ منْ نَبأٍِ ... للرَّفيقين عَن الشِّرْكِ وَثيقْ؟
أمسِكي عَنْ لطْمَةٍ فاجرَةٍ ... طَرحَتْ قُرْطَكِ منْ وَغْدٍ صَفِيقْ
هِيِه عَبْدَ الله. . . قُصَّ الَخَبَرا ... هاتِ منْ نيّاتِهِمْ مَا ظهَرَا
وَخذ الحيطَةَ وَأحْذَرْ مَكرهُم ... وَتَخَيَّرْ من يُعفي الأثَرا
وتأهّبْ. . . آن أن يَسْتَأنِفَا ... فيِ سبيلِ اللهِ هذا السَّفَرا
تَبِعا فيِ وَحْشَةِ البيدِ الدلِيلاَ ... يَتِوَخْى بهما سيْراً طَويلا
يَدْرُجُ الحقُّ إلى غايَتهِ ... وقد اختَارَ لَهُ الله السَّبيلا
يَنْصرُ اللهُ به مَن هاجَرُوا ... مِنْ جُنُودٍ صَبَروا صبراً جَميلا
آيَة اللهِ انجْلَتْ في هِجْرةٍٍ ... تَهْتفُ الدّنْيا بها جيلاً فجيلا
هِجرةٌ تَحْمِلُ بُرْهانَاتِها ... وهيَ وحْيُ لِلنُهَى في ذاتِها
كلّمَا أمْعَن فِيهَا نَاظرٌ ... كَشَفَ المكنونَ مِنْ آياتِها
قَبسُ اللهِ الذي أنزَلُهُ ... يَنْجَليِ لِلنّفْسِ في غاياتِها
ذلك الداعِي الذي يلقى الصِّعابا ... لِمَ يَخْتارُ مِن القَوْمِ العَذَابا؟
وهْوَ لَوْ يَخْتارُ مُلكاً نَاَلَهُ ... من سَراةِ القَوْمِ طوْعاً لاَ اغْتِصابا
أوْ يشاء المالَ سَاقُوهُ لَهُ ... وهْو مَنْ يَفْنَى لهُ الناسُ طِلاَبا
إِنما يَسْعَى إلى اللهِ، وإنْ ... قَذَفوا في وجهِهِ السّمْحِ التُّرابا
لمَ تكُنْ هْجَرَتُهُ إلا جِهَادَا ... وإباءً وحِفَاظاً وجِلاَدَا
رَاحَ يَسْتأنِفُ في هجَرتِهِ ... في سبيلِ اللهِ؛ أعْبَاءً شِدادَا
سَارَ يَسْتَصرْخُِ مِنْ يَنْصُرُهُ ... ليُذِلَّ السَّيْفُ في الشّركِ العنادا
هادِيَ البَيْدَاء قدْ طالَ الَمسِيرْ ... وَرَجَتْ يَثْربُ إقبالَ البشيرْ