وَبَعْدَ المَزَامِيرِ أذْكَى بها ... حنِينَ البَرَارِي رُعاةُ الغَنَمْ!
وَبَعْدَ السُّهُوبِ التي مَوّجَتْ ... أسَارِيرَها البِيضَ كَفُّ النسَمْ
وَكانَتْ مُصَلَّى شُعِاعِ الغُيوبِ ... وَدَيْرَ السَّماءِ، وكَهْفَ الحُرَمْ!
وَبَعْدَ الضُّحى العَبْقَرِيِّ العُبابِ ... عَرايا الصُّخورِ به تَسْتَحِمّْ. . .
. . . أقَمْنَا بزاويَةٍ أهلُها ... ذُبابُ القُبورِ، ودُودُ الرِّممْ
وخُفّاشُها وَثَنيُّ الصَّدَى ... يُوَصْوِصُ في جانِبَيْهِ البَكَمْ!
مَعَ الصَّمْتِ صَمّاءُ لا هَمْسَةٌ ... وَلا هَجْسَةٌ غَيْرُ صَوْتِ العَدَمْ!
ُنصِبْنَا مَذابحَ لِلسَّائماتِ ... وَمَجْزَرَة لِضَحايا النَّعَمْ
تَبولُ الثَّعالبُ في ساحِنَا ... وَتَسْلَحُ فَوْق الجِباهِ الرَّخَمْ
كفانا خداعاً!
اللات:
كفانا هواناً
مناة (في ندم وحزن):
أحِسَّ بِجَنَبيَّ عَصْفَ الألمْ!
يَدُورُ عَلَى عِزّتي بِالفَناءِ ... وَيَهْوِي بها في سَعِيرِ الضَّرَمْ!
أعِينا صَفاتي عَلَى هَوْلَها!
العزَّى:
تَجَرّعْ لَهيبَ الأسَى وَالندَمْ!
(فترة سكون وذهول تخيم على الكعبة، ويشرق خلالها أول شعاع من نور النبي)
اللات:
أرَى قَبَساُ في حِمَانا غَرِيبَا ... وألمَحُ في الأفْقِِ ضَوَْءا عَجيبَا!
عَلَى الأرْضِ دَفّقَ أنوَارَهُ ... فَسَالَتْ عَلَى الرمْلِ طُهْراً وَطِيبَا
وَأذْهَلَ بالَّلمْحِ قَلبَ الشُّمُوسِ ... وَدَاراتِ أفلاكِها، وَالغُيُوبَا
وَرِيَعتْ صُخُورُ الفَلاَ فَارتمَتْ ... عَلَى خَطْوِهِ وَاسْتَحَالَتْ قُلوبَا
أهَلَّ عَلَى جَلْمَدِي فاسْتَطَاَر ... وَأوْشَكَ مِنْ رَهبَةٍ أنْ يَذُوبَا