من بعد معاركنا المظفرة التي خضناها؟ من يحصي مآثرنا في العلم والفن؟ من يستقري نابغينا وأبطالنا. . . إلا الذي يعد نجوم السماء، ويحصي حصى البطحاء، ويستقري رمال الدأماء!
اكتبوا (على هامش السيرة) ألف كتاب، و (على هامش التاريخ) مثلها، , وأنشئوا مائة في سيرة كل عظيم، ثم تبقى السيرة ويبقى التاريخ كالأرض العذراء والنجم البكر!
نحن (المسلمين). . .
هل تحققت المثل البشرية العليا إلا فينا؟ هل عرف الكون مجمعاً بشريا ً - إلا مجمعنا - قام على الأخلاق والصدق والإيثار؟ إن بين واقع الحياة وبين أحلام الفلاسفة وآمال المصلحين، لحرباً أزلية باقية، ما اصطلحا وما تواءما إلا في صدر الإسلام، يوم كان الواحد منا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويؤثره عليها ولو كان به خصاصة. وكانوا أطهاراً في أجسادهم وأرواحهم ومادتهم ومعناهم، وكانوا لا يأتون أمراً ولا يدعونه، ولا يقومون ولا يقعدون، ولا يذهبون ولا يجيئون إلا لله. قد أماتوا الشهوات من نفوسهم، فكان هواهم تبعا لما جاء به القرآن. . .
لقد كنا خلاصة البشر، وصفوة الإنسانية، وجعلنا حقاً واقعاً ما كان يراه الفلاسفة والمصلحون أملاً بعيدا، نحن (المسلمين)!
نحن (المسلمين). . قوتنا بإيماننا، وعزنا بديننا، وثقتنا بربنا، وقانوننا قرآننا، وإمامنا نبينا، وأميرنا خادمنا، وضعيفنا المحق قوي فينا، وقوينا عون لضعيفنا، وكلنا إخوان في الله، سواء أمام الدين. . . نحن (المسلمين)!
نحن (المسلمين) ملكنا فعدلنا، وبنينا فأعلينا، وفتحنا البلاد فكنا الأقوياء المنصفين. سننّا في الحرب شرائع الرأفة، وشرعنا في السلم سنن العدل، فكنا خير الحاكمين، وسادة الفاتحين، نحن (المسلمين)!
أقمنا حضارة، فكانت خيرا كلها وبركات، حضارة روح وجسد، وفضيلة وسعادة، فعمّ نفعها الناس، وتفيأ ظلالها أهل الأرض جميعا
نحن (المسلمين). . . لسنا أمة كالأمم تربط بينها اللغة، ففي كل أمة خيّر وشرّير؛ ولسنا