يأيها الهادي صَبَرتَ على الأذى ... وحملت من أوطانك الإيذاَء
وضربت في الصبر الجميل نواحياً ... وكشفتَ عن نُبل الخِلال غِطاَء
قل للذي سئمَ الجهادَ وملّهُ ... هلاّ اتَخذت من الرسول عزاَء؟
ما قيمةُ الدنيا إذا هي لم تكن ... صَبْراً وأخذاً دائماً وعطاَء؟
يأيها الهادي لِقيتَ إساءةً ... فحملتَ فيها الصفحَ والإغضاَء
إن الكريمَ يغضُّ طرفَ سماحةٍ ... ويردُّ من إحسانه اللؤماَء
لما قدرتَ عفوتَ اجملَ قادرٍ ... وأسرتَ عفواً مَنْ إليكَ أساَء!
تلك الخلالُ الضاحكاتُ خليقةٌ ... أن تستميل لصفِّك الأعداَء
ولقد كرهتَ بأن تُقيمَ على الأذى ... فهجرتَ أرضاً أنبتتكَ وماَء
وتأثَّروك فما خبتْ لك جذوةٌ ... يوماً ولا قَدَرَوُا إطفاَء
ووجدتَ في ظل المدينة جِيرةً ... ولقيتَ من أنصارها نُصراَء
آواك فيها معشرٌ بك آمنوا ... واستقبلوك مرحِّبين وِضَاَء
عجباً! رأيتَ من المدينة رقةً ... ورأيتَ مكة قَسْوةً وجفاَء
صَبراً دُعاةَ الحق إن نصيبكم ... إن تقطعوا أيامكم غُرباَء
مهلاً دعاةَ الحق إن سبيلكم ... ليست يساراً كلَّها ورخاَء
لا تحسبوها بالورد تَزَينت ... أو رفّت الدنيا بها أندَاء
لا تحسبوها الظلَّ أَفْيَحَ ناعماً ... والعيشَ حلواً والمنى خضراء
هي أن تضحُّوا بالحياةِ رخيصةً ... وتقدِّموها للجهاد فداء
الحقُّ لا يحيا شهيداً بينكم ... ما ضرَّ لو متم له شهداء؟؟
محمد عبد الغني حسن