للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الجيش الأحمر وكرامة قواده وقيمة عتاده!

ولو أن الدول الشمالية لم تصب بشلل العقل لفكرت قبل هذه الحرب أو أثناءها فيما تفكر فيه اليوم من التحالف العسكري بينها، فإن ذلك كان عسِيّاً أنه يشفي الدب من غروره ويكسر من طماحه

ولو أن الدول الديمقراطية لم تصب بتردد العقل لخرقت حياد السويد والنرويج لتدفع الموت المحقق عن الجارة الباسلة الصغيرة. وهل عليك من بأس إذا وطئت حمى الجار لتطفئ الحريق في بيت جاره؟

إن فنلندة حاربت في سبيل الحق والسلام والمدنية، وكان لها على المجاهدين في هذه السبيل الحفيظة والنصرة. ولو لم يكن لها وللحلفاء قضية عادلة مشتركة توجب التضامن والتعاون، لكان من شهامة الطبع المدني ألا يدعوا هذه البطولة العجيبة التي أدهشت العالم في مغربي الأرض ومشرقيها تيأس من النصير فتستكين للظلم وتستنيم للمذلة!

فما أحرى الذين فرطوا في جنب فنلندة بالأمس أن يتداركوا عواقب تفريطهم اليوم! لقد تثاقلوا عن إسعافها حتى اندك القائم وأقفر الآهل وأجدب الخصيب، فأصبح أربعمائة ألف من أهلها لا يجدون مورداً ولا مأوى. إنهم ساعدوا العدو سلباً على التدمير، فليساعدوها إيجاباً على التعمير. ومن لم ينهض ليقيك الطعنة النفاحة، فلا أقل من أن يساعدك عليها بالضماد والمرهم

هذا أوان الثمر المرجو من عطف الديمقراطية في أوربا وأمريكا على فنلندة البائسة. ولن يخالجنا الشك في أن دعاة الحرية وحماة المدنية سيذكرون اليوم أن فنلندة أصيبت بنقص شديد في الأنفس والأموال والثمرات، ففقدت من شبابها البر العامل خمسين ألفاً بين قتلى وعجزة، وخسرت من ثراها الغالي المثمر ثلاثين ألف كيلو متراً من أزكى الأرض تربة وأوفرها ثروة. وسيذكرون غداً متى جلسوا للصلح على أنقاض البلشفية والنازية أن صلح فنلندة قد انعقد على دخن، وجرحها قد اندمل على بغي، وسيرون يومئذ أن هذا الجرح لا يزال تحت جُلبته الخادعة يجيش ويقيح ويضرب. فهي حرية أن تعد محاربة معهم بالقوة، وإن لم تستطع مباشرة هذه الحرب بالفعل

إن في أخطاء الناس وأرزاء القدر عبراً لا تنقضي الإفادة منها. فاستشهاد بولندة واستخذاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>