في الواقع من ناحية الأدب. وقد يكون من متناقض القول أن شعباً كالشعب الإنجليزي عرف بأنه أنجب في ميادين السياسة والعمل والتجارة رجالاً أفذاذاً لا يكون أيضاً من أوائل الشعوب في ميادين الأدب بجميع أنواعه
وذكر المحاضر بعد ذلك أن إنجلترا لم تتزعم دول العالم في الصناعة والتجارة فحسب ولكن في الرياضة أيضاً. وإن الإنجليز في الوقت نفسه أكثر الشعوب تديناً. وقد يكون أهم ما يلفت النظر عند زائر إنجلترا أن يلاحظ أن الشعب الإنجليزي شعب لا يعرف اللهو، أو هم كما يسمونهم (يلهون بحزن) ولكن قلما يوجد شعب آخر في بساطة الطفل ووداعته مثلهم.
وبعد أن ذكر الأستاذ ويلسن أنه يجوز أن تتحد هذه العناصر من الرياضة والشعر والخوف من الله، وتؤلف ظاهرة غريبة، فإن رجال الأدب في إنجلترا هم بدون شك من أشد الناس تمسكاً بأهداب الدين والفضيلة قال إن الفلسفة والفضيلة كانتا على الدوام رائد الشعراء الإنجليز فيما أنتجوا. فهذا ملتون كان يعمل في كتاباته ليظهر للناس طريقهم إلى الله. وكذلك كان يفعل من قبله لانجلاند وسبنسر وبوب ووردثورث وتيسون وبراوننج وغيرهم؛ حتى شيللي، ولم يكن يعترف بالله، كان يبشر في كتاباته بإنجيل اجتماعي جديد. وقد ابتدأ ذلك منذ العصر الفيكتوري، وما زال حتى الآن يحمل لواءه أشهر الكتاب الحاليين أمثال برناردشو وولنر وهيكسلي
وهناك من يتهم هذا النوع من الكتابة بأنه ليس من الأدب في شئ، ولكن الأدب لم يكن في يوم من الأيام يتوقف على عقيدة الشخص، وإنما يتوقف على أسلوبه، وهذه كتابات بانيان التي لا تخرج عن أنها دعاية دينية، فهي تعد
عملاً أدبياً عظيماً.
ولما كان الإنجليز في جميع العصور يدينون سياسياً إما بمبدأ الأحرار، وإما بمبدأ المحافظين، فإنه ليس غريباً أن كان لهذين المبدأين شأن أي شأن في الأدب الإنجليزي.
وقد كان شوسر من أصحاب المذهب الأول، وقد عرف عنه العطف على كل مخلوق، وإحساس رقيق، واهتمام خاص بالحياة العادية للرجل العادي في حين كان معاصره لانجلاند على نقيضه، إذ كان من أنصار الأحرار الذين يعتقدون بالمثل الأعلى للإنسان