أحنائه رجايا الشعب، وتسفر على وجه مخايل الأمل، وتبسم في طريقه مضاحك الفوز (
واختلفت الظنون الفواجر على خواطر السفن الغربية فتساءلت: إلا يكون هذا المشروع الجديد كألف مشروع قديم لمعت كلمع الشرار ثم خبت سراعا إلى الأبد؟ إلا تكون زمزم هذه التي تختال على الماء في صلف وكبرياء، نواة من النوى للعجُف لا يرسخ لها أصل، ولا يسمق لها فرع؟ أيستطيع الأسطول المدني المزعوم أن يجوب مسارب البحار وليس من ورائه أسطول حربي يرصد طريقه ويمنع جانبه؟
وكانت هذه الأسئلة المتشائمة تَرْفَضُّ صاغرة خجلى عن جوانب الباشا وهو على ظهر زمزم في عبوسه الرهيب وسكونه المهيب ونظرته النافذة، يحيل المتسائل المتشكك على الماضي المجيب والواقع المقنْع فيرى الفَلك الداوي الذي يديره برأيه، ويسيره بيده، شمسه بنك مصر، وتوابعها شركاته الميمونة.
وهنالك الجواب الذي يُبكم الحاسد، ويفحم الشامت، ويقوم حجة بتراء على رشد النهضة الاقتصادية في مصر
إن شركات بنك مصر هي وحدها الجانب الجدِّي في حياتنا الهازلة، تقوم على الحاجة الداعية، والكفاية الفنية. والإرادة القوية، والإدارة الحازمة، والغاية النزيهة، والإيمان الصادق، والخير العام. وهذه الأساس الثوابت أكثر مما يلزم لقيام العمل، فكيف يقع في البال أن يتحكك بها الفشل، أو ينال منها الكيد، أو تطير في جنباتها الشبُّهَ؟
إن أرجل الجنود الإنجليزية جعلت ثكناتنا أجنبية، ولكن رءوس الأموال الأوربية جعلت مصرنا غير مصرية، وإن أساطيل بنك مصر الآلية والهوائية والبحرية هي التي سترد مصر إلى أهلها من غير حرب ولا عنف ولا خصومة
لقد كانت الوحدة الأولى من أسطول الشعب هي زمزم، وكانت الوجهة الأولى لزمزم هي جُدَّة، وكان أمس الأول موعد إبحارها من السويس بالحجيج الأول! فليت شعري أي نوع من الشعور يشيع في نفس المصري المسافر على زمزم حين يرى قطعة من أرض مصر تسير به على الماء حتى شاطئ جدة، يعلن المؤذن فوق منارتها كلمة الله، وينشر العَلَم فوق ساريتها مجد الوطن، ويجد المصري على ظهرها قومه ولغته ودينه وكرامته وراحته وأنسه!