سنة ١٩٢١. وبالجملة فقد بدأت أفغانستان على يد هذا الأمير القوي الحازم مرحلة من الاستقرار والتقدم وكان مقدار ان تطول وان تثمر خير النتائج لو لم يذهب نادر خان فجأة ضحية الاغتيال السياسي.
لم يكن مقتل نادر شاه مفاجأة كما قدمنا، فقد رأينا أن عرش أفغانستان يقوم على بركان مضطرم من المنافسة الدموية، ورأينا كيف يذهب معظم الجالسين عليه ضحية الغدر والغيلة. ولم تتضح العوامل والظروف الحقيقية التي ذهب ضحيتها نادر شاه بعد وضوحاً كافياً يسبغ عليها للون التاريخ الحق. ولكنا نستطيع أن نتتبع هذه العوامل في معترك البغضاء السياسية والشخصية التي تتربص منذ بعيد بنادر شاه وأسرته، وإليك خلاصة ما يقال في اصل الجريمة وأسبابها
كان غلام نبي بين زعماء أفغانستان المقربين إلى الملك أمان الله ومن اكبر معاونيه. وكان يشغل منصب سفير أفغانستان في باريس أيام حكم الملك أمان الله، ويشغل أخوه غلام صادق منصب سفير أفغانستان في برلين. وهو من أسرة (تشركي) القوية، فلما سقط أمان الله وتولى نادر خان، أقيل غلام نبي وعين مكانه في سفارة باريس السردار شاه والي خان أخو نادر شاه، ثم أقيل أخوه غلام صادق بعد ذلك من سفارة برلين وعين مكانه أخ للملك أيضا هو السردار محمد عزيز خان.
ولبث غلام نبي حينا في أوربا ثم عاد إلى أفغانستان بشفاعة آخي الملك والي خان وبعد وعد ملكي بالأمان. واستخدمه نادر شاه في مهام عسكرية وسياسية في بعض الاقاليم، ولكن غلام نبي كان يضطرم بأطماع خفية، وكان يبث دعوة الثورة ضد نادر شاه خفية ويدعو لصديقه السابق أمان الله، ووقف نادر شاه على طرف من مساعيه فاستدعاه إلى كابول واستدرجه على مجلس عقده في قصره بضاحية (الارج) التي تضم القصور والقلاع الملكية، ولما ظهر نبي خان أمامه أبرز له بضع الوثائق التي تثبت خيانته، فحاول غلام نبي الجدل والمكابرة، ولكن نادر شاه كان قد أعد العدة للتخلص منه وفي الحال ظهر عدة جنود مدججين بالسلاح وانقضوا عليه وقتلوه خنقا أمام عيني الملك. وأخفى نبأ موته حتى عقد نادرشاه في اليوم التالي محكمة من الرؤساء اجتمعت سرا وقضت بإعدام غلام نبي جزاء خيانته، ثم نشر نبأ إعدامه بعد ذلك في الجريد الرسمية، وعلمت أسرة (تشركي)