للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراكم تجرون في العمر تريدون أن تلحقوا بنا في مضمار الحياة، ونحن كذلك نجري في طريق العمر إلى مدى لا يعلمه إلا الله

إن منكم من سيظل طفلاً برغم تقدم الحياة والسن، لأن لون الطبيعة قد انطبع على إهابه

وإن منكم من ستسلب منه الحياة فطرة الطبيعة، فيصير كأهل الحياة، يتعلم مكرهم وختلهم، وتتلاشى من نظراته تلك الأضواء البراقة التي عرفها في طفولته أسلوباً من لغة الطبيعة. والناس بهذا الوضع سيندفعون مع التيار، وتنغمر عواطفهم في العباب

ليت الطفولة لا تفارق الناس في كبرهم، ولكن هل كانت الحياة تستقيم على هذا المنهج؟

إننا إذا خرجنا عن نطاق الفلسفة أو دخلنا في نطاقها وجدنا أنفسنا أحوج ما نكون إلى أن نتخلق ببعض أخلاق الطفولة، فليست كل مميزات الطفولة غير صالحة؛ فإن بين طباعها الطهر والنقاء والصفاء؛ وما أحوجنا في كل حين أن نكون أنقياء بكل معاني النقاء!

إن الطبيعة والحياة لا تتنافران، بل ما أحوج المجتمع أن يمزج بين عناصرهما ليتحقق الانسجام والاعتدال

يريد المصلحون أن تقل من المجتمع الشرور والآثام، وهل يتحقق ذلك إلا إذا مزجنا حياة الكبار بطبيعة الأطفال

وماذا يمحو الشر والإثم غير الصفاء والنقاء. . .؟

الواقع أننا في حاجة إلى مدرسة للطفولة نعلم فيها الكبار فطرة الأطفال، نعلمهم أو نذكرهم فيها طبيعة الطفولة فيما تفردت به خصائصها ومميزاتها من الفطرة والسذاجة والنقاء

وهل ينسى من فارق مجال الطفولة أنه كان من أبناء الطبيعة فأصبح من أبناء الحياة!

أحمد محمود فهمي

<<  <  ج:
ص:  >  >>