للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفتشان في أعصابها وحنايا نفسها عن كلمة (مدهش) هذه ما معناها. . . وأخيراً اهتدت، وظهر عليها أنها ذكرت، وأغلب الظن أنها ذكرتها بمجلة من المجلات العصرية التي تكتب أنباء الطبقة الراقية فقد خدمت هذه المجلات اللغة العربية إذ حملت بعض كلماتها إلى أهل الطبقة الراقية هؤلاء. . فلها الشكر. . .

وكأن صاحبة المعرض أدركت أن زائرتها قد فهمت أخيراً أن هذا التمثال مدهش، ولكنها إلى جانب هذا أدركت أن هذه الزائرة الصغيرة، لا تزال تريد أن تعرف لماذا كان هذا التمثال مدهشاً، فأسرعت وقالت:

- إنه مدهش لأنه ولأنه حلو. . .

. . . وكانت صاحبة المعرض تستطيع أن تقول (بسيط) و (جميل) ولكنها خشيت ألا تفهم الزائرة من كلامها شيئاً، وهي زائرة عليها مظاهر اليسار، وأمثالها وحدهن هن اللواتي يشترين التماثيل ليضعنها في الصالونات لتكون موضوعاً لحديث الزائرين والزائرات ومجال الإشارة إليهن والتنويه بهن في الصحف والمجلات. . .

وانتقلت الزائرة من أمام تمثال المنجد إلى أمام تمثال بائع العرقسوس وهو تمثال كبير في الحجم الطبيعي وقد صنعه صاحبه من الورق المقوى صناعة اهتم فيها بمظهر التمثال وملابسه وأدواته اهتماماً كبيراً

ورأت الزائرة ألوان التمثال فانبهرت، وكأنها قالت في نفسها لابد أن يكون هذا التمثال هو بطل المعرض فليس غيره تمثال مزوق منمق لابس ملابسه كلها، وليس ينقصه إلا أن يمشي في المعرض يبيع للناس مما يبيع. . . وهنا تفتفت في رأس الزائرة مسألة جديدة هي هذا الذي يبيعه الرجل. . . الورقة مكتوب عليها بائع العرقسوس، ولكن ما هو العرقسوس؟. . . بنات الطبقة الراقية لا يعرفن العرقسوس!. . . فسألت صاحبتها:

- دي جيلاتي. . .؟!

وصدمني هذا السؤال فضحكت، وشعرت الزائرة بأني أضحك ساخراً منها فاصطنعت السعال وأرادت صاحبة المعرض أن تنقذ زائرتها فرطنت إليها بالفرنسية كلاماً قد يكون معناه: لا تعبئي بهؤلاء الشعب. وأدركت أني إذا وقفت بعد ذلك على مقربة منها أو تبعتها فإني سأفسد الشغل على المعرض وأصحابه، وأنا من أول الأمر لا فائدة مني للمعرض ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>