وانتثرت أكداس الزهر على قدميها، وأسدلت الستارة. . .!
ليت شعري، هل كانت قدرية في أوّليتها تتوقع هذه الغاية التي انتهى إليها أمرُها؟
وهل كانت خواطرها تخيَّل لها هذا المصير الذي بلغته، يوم كانت تجلس مجلسها من الصف الأخير في حجرة الدراسة؟
وهل. . . وهل عَرف من عَرفَ: كم بين الدرس الأول والدرس الأخير. . . وأين ما بدأ مما انتهى. . .؟
وانفض السامر، وتهيأ أهلي للانصراف وما زلت في مجلسي أفكر، ثم نهضت؛ فإني لألتمس طريقي في الزحام على الباب إذ حانت مني التفاتة فرأيت؛ فتنحيت عن طريقي، وقلت للتي بجانبي: تفضلي! وكانت سيدة ورجلها وبينهما طفل؛ أما السيدة فأعرفها؛ فما تخفى علىَّ ملامح تلميذة من تلميذاتي مهما باعد بيِننا الزمان؛ وأما الرجل فزوجها؛ هكذا يعرف كل من يراه ويراها؛ وأما الطفل. . .
. . . هذه فتاة أخرى من تلميذاتي تبرز لعينيَّ فجأة بعد غياب سنين. . . هذه واحدة و (تلك) واحدة. . .
ليت (تلك) التي توارت خلف الستارة منذ قريب قد رأت ما رأيتُ لعلها تعلم ماذا باعت وما اشترتْ!
وشيعتُ (الأسرة السعيدة) بعينيّ ثم ارتد نظري إلى الوراء لأشيَّع الأخرى. . .
وكأنما اجتمعت لي هاتان الصورتان في زمان ومكان ليشغلني أمرهما من بعدُ ما يشغلني، فلا أزال أسأل نفسي كلما حضرتْني الذكرى: أيهما خير. . .؟