الحديث ذو شجون، أليس كذلك؟ فما الذي يمنع من القول بأن مدينتكم أخلفت الظن بها كل الإخلاف؟
هل تصدقون أن مدينتكم هذه كان لها صوت صحفي مسموع في أيام مصطفى كامل وأيام سعد زغلول؟ فأين صوتها اليوم وهي صدى لأصوات القاهرة؟
أنا أعرف أن الساعة الثامنة صباحاً والساعة السابعة مساءً موعدان لقدوم الجرائد والمجلات وأُحسُّ لوعة الشوق إلى هاتين الساعتين لأنهما موعد اتصال الإسكندرية بالقاهرة، ولكني أتوجع كلما تذكرت أن الحكومة المصرية التي تُعسكِر بالإسكندرية في الصيف لا تسمع صدى أصواتها إلا بفضل جرائد القاهرة، فمتى يستيقظ النائمون من أهل هذا الثغر الجميل؟
أيها السادة
أترك حديث المؤاخذات إلى حين، والتفت إلى حديث القلب فأقول: سيأتي يوم قريب يجتمع فيه زعماء مصر حول شواطئ بحر العرب الذي سُمِّيَ خطأ بحر الروم، وسيقام في الإسكندرية مؤتمر يؤلف بين أهواء الرجال ويغسل الضغائن ويدفن الحقود
ويومئذ نقيم (عيد الورد) وفي ليلة الاحتفال بعيد (المولد النبويّ)
ويومئذ نطمئن إلى أن بحرنا يسمى (البحر الأبيض المتوسط) لأنه جمع بين بياض القلوب، وتوسِّط في جمع أهواء النفوس
ويومئذ ننسى أن الهيام بشواطئ الإسكندرية يجرح رجال الدين، لأننا سنكون يومئذ ملائكة رفع الله عنهم إصر التكليف المستقبل لنا، بإذن الله صاحب العزة والجبروت
وهذا البحر لنا، بإذن فاطر الصباحة والملاحة والجمال
ومصر لنا، بفضل سواعدنا وعزائمنا وقلوبنا
فمن أراد بنا السوء فلينتظر غضبات الأسود عند جياع الأشبال.
نحن حفظنا مصر للعروبة والإسلام ثلاثة عشر قرناً، وسنحفظ لأبنائنا وأحفادنا وأسباطنا هذا التراث الغالي. والله مع المجاهدين.