للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أما البلابل فلتؤنس قبورهم ... من كل ثاكلة في الدوح مرنان

أعيذ بالحب والذكرى هوى نفر ... بيض الوجوه من النعماء غران

قد صور الوحي ألوان النعيم على ... مثال ما فيك من حسن وألوان

خيال ولدانه والحور منبعث ... عن فيض سحرك في حور وولدان

وزاد فيها خلودا ما عنيت به ... أشهى الأماني في حكم النهى الغاني

لا يعذب الوصل إلا أن يخامره ... خوف المحبين من نأى وهجران

ولا هناء بنعمى لا تخاف لها ... فقدا ولا تبتلى منها بحرمان

لو يعلمون هنات النفس ما خلعوا ... قدس الخلود على نعمى وأحزان

فالنفس موحشة من رغبة وهوى ... نعمى الجنان وبؤسى النار سيان

وأصبح الكون لغوا لا حياة به ... من رغبة في مجاليه وغنيان

ما للخلود وما للحسن يزعمه ... هيهات عرى من حسن وإتقان

يضفى الجمال علىالايام مقتدرا ... من (التحول) ذو عز وسلطان

عنى له الكون مأخوذا بفتنته ... من أنجم ومكانات وأزمان

وعاطفات وأرواح وأخيلة ... تغزو الوجود وآراء وأديان

وربما فقهت من أمره عجبا ... قبل الهداة عصا موسى بن عمران

كفرت بالروح بعد الريب آونة ... وكان زلفى إلى نجواه كفرانى

ورحت أعبده بالحان مجتليا ... آيات قدرته في خمرة الحان

وقرب القوم ما شاءوا لمذبحه ... فما تقبل منهم غير قربانى

أعلنت حين أسروا أمرهم فرقا ... يا بعد ما بين إسرار وإعلان

إن الخلود وما تروى مزاعمهم ... عن السعادة في الفخري نقيضان

ان الفراديس في سر الخلود غدت ... وكل أو إليها رازح وان

مل المقيمون فيها من هناءتهم ... كما يمل السقام المدنف العانى

تمضي العصور عليهم وهي واحدة ... أليوم كالأمس فيها ضاحك هاني

تزجى السآمة تفكيراً وعاطفة ... إلى عقول وأهواء ووجدان

لا يرقبون جديدا في خلودهم ... لرث من قدم العهد الجديدان

<<  <  ج:
ص:  >  >>