ولاشك أن الحلفاء سيتخذون إقفال البحر الأبيض وسيلتهم لتجثو الدولة المعادية على ركبتيها؛ وأول نتائج هذا الإقفال عزل إيطاليا عن مستعمراتها في شرق أفريقيا وفي شمالها؛ وبهذا الحصر تخسر إيطاليا ٨٦ ? من ملاحتها خسارة لا يمكن الاستعاضة عنها، لأنها لا تملك شواطئ على غير البحر الأبيض، بينما تتمتع فرنسا بشواطئها على خليج بسكاي، وعلى بحر الشمال
وعدد البواخر التجارية التي تصل أو تغادر إنجلترا يومياً ٨١٥ سفينة، متوسط حمولة كل منها ثلاثة آلاف طن يخترق منها البحر الأبيض ٥٧ سفينة فقط يحول طريقها إلى رأس الرجاء الصالح. وتخسر فرنسا ٢٠ ? من بترولها الذي تستورده من العراق، ولكن خسارة إيطاليا في هذا المادة الأساسية للحرب خسارة فادحة. فهي تستورد من العراق ٧٠ ? من البترول الذي تستهلكه وهو يرد إليها عن طريق جزئه الشرقي ومركزها فيه أضعف من مركزها في الجزء الغربي، فليس لها فيه إلا خط مشاغب يبدأ من جزيرة ليروس في جزر الدودكانيز، وينتهي في طبرق. وقد أعدت هذه الموانئ لتكون قواعد جوية للطائرات وقواعد بحرية للغواصات
ولكن هذين الموقعين مهددان بمواقع الحلفاء وخصوصاً من جزيرة قبرص، التي فاقت جزر الدودكانيز في صلاحيتها للاستعدادات العسكرية من مطارات برية وبحرية ومن قواعد للأساطيل البحرية. وهي لا تبعد عن جزر الدودكانيز إلا ٢٢٠ ميلاً تقطعها قاذفات القنابل في أقل من ساعة
قبرص والإسكندرية
ولميناء حيفا أهمية خاصة في نظر الحلفاء، ففيها تنتهي أنابيب البترول العراقي، ولكن طبيعة أرضها لم تعدها لتكون ميناء حربياً جيداً. فاتخذت الاحتياطات للدفاع عنها من قبرص والإسكندرية فبعدهما عنها قصير، وهي تمثل الزاوية الثالثة من مثلث ضلعه من قبرص إلى الإسكندرية يواجه الخطر الأجنبي.
وإذا نشبت الحرب فإنه ينتظر أن تصبح الإسكندرية قاعدة الأسطول البريطاني، فإن جزيرة مالطة لا تصلح في رأي الخبراء البحريين لحرب طويلة الأمد، وإن كانت في أول