العيون، وان ضاقت عنه تلك المخارج أو عزَّت طلب سبلا غير معتادة فكان حزناً ضاحكاً، فالضحكات كالدمعات إن اختلفت أصولها فقد اتحدت مراميها
وكما يضحك الباكي فكذلك يبكي الضاحك، فالضحك والبكاء صنوان. كلاهما فيض الكأس عند الامتلاء، كلاهما فضل الطاقة الفسلجية الخبيثة كالتي يفيض بها جسم المحموم عندما تنكسر حمّاه عن قطرات تبكيها مسامّ الجسد العديدة. فان أنت سررت وضاق صدرك بالسرور فلا تكتمه بل أضحك وازأط، وان أمكنك فابك، يسترح جسمك وينتعش ويستفق. وان أنت اهتممت أو حزنت أو داخلك الوجد المضني فابك وأفض وافتح شئونك وُسْعَها، وان أمكنك فاضحك وازأط كذلك، وأنا ضمين لك بالعزاء وبالشفاء
والضحكة قد تمتزج بها عواطف أخرى لا تمت بسبب إلى السرور أو إلى الحزن، فقد تكون ضحكة هازئة، أو ضحكة مرة حاقدة، أو ضحكة غَزِلة
والإنسان في عالم الحيوان أكبر ضحاك، وربما كان هو الضاحك الوحيد، ويقول بعض العلماء الخبثاء إنه أكبر مضحوك منه كذلك ومن الضحك ضحك مَكنْىَ آليّ تثيره الدغدغة وان شئت (فالزغزغة) ولا أظنها كلمة تضيق بها صدور العرب وان ضاقت عنها المعاجم. وهذا الضحك الآليّ لا يعوزه السرور الذي يصطحب الضحك التلقائي ولذا يعود الطفل إلى طلب الدغدغة وقد كان أباها. وذلك لما وجد فيها من الغبطة.
وكذلك الحيوان يتدغدغ فيحس في الدغدغة سرورا وغبطة. ولكنه لا يضحك ولا تجري دموعه منها. فمن الثعابين أنواع إذا مسحتَ أظهرها بأناملك في لطف ورفق سرها ذلك فاستكانت، وان سكتَّ عادت في خشوع تطلب المزيد.
وفي جزيرة سيلان يمسكون التماسيح بالحيلة، وحيلتهم في ذلك الدغدغة. يلوّحون للتمساح بالطعم في الماء، حتى إذا استدرجوه إلى المياه الضحلة، أتاه المروّض فتمتم بعض التعاويذ، حتى إذا اقترب منه دق رأسه بعصا دقا خفيفا متتابعا، حتى إذا تلهَّى تجرأ الصيّاد فركب كتفيه وأخذ يمسح بالأصابع جلده الأسفل اللين، بينما اليد الأخرى تشده بالحبال وفي الملايا يستخدمون نفس الحيلة في أسر نوع من السمك ويسمونه (السمك الأحمق) وهو سمك كبير يعيش على بعد من سطح البحر يتراوح بين العشرة الأقدام والعشرين، وهو يرقد ساكنا فإذا تحقق السّماك من وجوده غاص من قاربه إليه في سكون، وأسرع فوضع