وقد تواريت وأنا معتزم الرحيل إلى غير رجعة فلم يصبح الصباح حتى كان حديث النفس إلى ختام، وكانت مشيئتي قد تبلورت في عزم أكيد
حذار يا فتاتي أن تظهري اليوم أو غداً فإني قاس مع نفسي رحيم معك، وأحب أن تفسحي لي الوقت ليقوى التصميم، ولا أعلم ما أنا فاعل ولكني أعلم ما أريد، والقطعة شر مفض أحياناً إلى الخير، وهو خير سوف أشتريه غالباً، فأنكر فيه نفسي، وأتنكر لماضي حبي المنكوب. وقد ذهبت آمالي فيك إلى الهوة التي يتردى فيها المحزون لتضيف إلى تجاريبهم في أنفسهم تجاريب أخرى بالسماع. وإنها في هذه الهوة لتبقى وقد حاولت يأساً قاتلاً، كالقمح اليانع قد جف واسود من عصف الريح
وإذا جاز للعاصفة أن تهدأ فقد جاز لنفسي أن تستكن وأن تعود فتثور كما هو بالعاصفة خليق. وقد عصفت تجاربي بأحلامي غير مرة فلم تفني فيها إلا هذه المرة، وكنت أجمع ما تفرق منها كل مرة لأعاود حبي في أسر شديد، فاليوم يضيق به الأنف ويضيق به الصدر، ولا يجد متنفساً إلا في أن يأكل النفس التي غذته وأشبعته حتى بات المنهوم
إنه جارف، وإنه ليحطم، وإنه ليخلف ما تخلف العاصفة من أثر بعد عين، فهو الحب اليأس وهو الحب المحروم