صفى لي بِلِيتيسُ هذا الأملْ ... وماذا ابتدعتِ له من حِيَلْ؟
بليتيس:
أُدَلِّهُ هذا الفتى بالجمالِ ... وأُسْمِعُه من رقيق الغزلْ
وأورثه جُنَّةً بالرحيقِ ... وأَحْرِمُه رَشَفَاتِ القُبَلْ
إِلى أنْ تُحَرَّقَ أعصابُه ... ويصرَعه طائفٌ من خَبَلْ
وأحفرُ بعد الردى قبرَه ... هناك على قِمَّةِ الهاويه
وأغرس في قلبهِ زهرةً ... من الشرِّ ريَّانةً ناديه
سَقَتْها سمومُ شرايينه ... ورفَّتْ بها روحُه العاتيه
تخفُّ إليها قلوبُ الرجال ... وترجع بالشوكةِ الداميه
إذا جَنَّها الليلُ لاحتْ به ... كعينٍ من الَّلهَبِ المضطرمْ
تثور الشياطينُ من عطرها ... كمجمرِة الكاهن الملتثمْ
إذا استافَها الرَّجُلُ العبقريُّ ... تحَوَّل كالحيوان الوخِمْ
تصيحُ البلاهةُ من حوله ... فينظر كالصَّنَمِ المبتسم!
تاييس:
هبي الشعرَ أولاكِ من مُلكه ... سماَء الألُوهةِ ذات البروجْ
ونصَّ المعاني على جانبيكِ ... فمنها السُّرى وإليكِ العروجْ
فما تصنعينَ إذا ما بُعِثْتِ ... واحدةً من بنات الزنوجْ!
ألم تسمعي قِصَّةَ السامريِّ ... وما صَنَع القومُ بعد الخروجْ؟
نبا منطقُ الوحي عن سمعهم ... وخفَّ عليهِ رنينُ الطربْ
ومَدُّوا العيونَ إلى دُميةٍ ... تَمَثَّلُ في حيوانٍ عَجَبْ
ترامي بأحضانهِ غادةٌ ... أفادَ صباها شبوبَ الَّلهَبْ
جنونُ الحياةِ وأهواؤها ... أنوثَتُها وبريقُ الذّهَبْ!!
فأينَ من القوم سحرُ البيانِ ... وصيحةُ موسى قُبَيْلَ الوداعْ؟
هُمُ الناسُ لا يعشقون الخيالَ ... إِذا لمْ يكنْ حافزاً للطِماعْ
همُ الناسُ لا يعبدون الجمالَ ... إذا لم يكنْ نَهْزةً للمتاعْ