للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سنة التطور والارتقاء

لداروين العظيم مذهبه الشهير الذي يقول بسنة التطور والارتقاء، حتى رد الإنسان إلى أصل من القردة، وهذا الرأي لا يسري على الكائنات فحسب، بل إنه في رأيي يمتد إلى الاختراعات أيضاً، فكل اختراع يظهر أولاً ناقصاً مشوهاً، ولكنه يتحسس ويرقى بالجهود المتتابعة التي يبذلها العلماء، والأمثلة على ذلك عديدة، فها هي ذي الكهربية بدأت ساكنة فتطورت إلى متحركة محدثة التيار الكهربي؛ وهذه أبحاث فراداي النظرية، تتطور إلى أعظم المخترعات العلمية، ويحاول العلماء نقل الإشارات كما في التلغراف، فينجحون فيما بعد في نقل الكلمات كما في التلفون، وينجحون في اختراع التلغراف والتلفون السلكيين، فتؤدي أبحاثهم وجهودهم إلى اختراع التلغراف والتلفون اللاسلكيين، وهكذا سنة التطور والاتقاء في الاختراعات، ولن تجد لهذه السنة تبديلاً. ويحكى عن فرادي العظيم (ص٥٥) أنه كان مرة يقوم بإجراء تجربة كهربائية في الجمعية الملكية بلندن أمام بعض المشاهدين والمشاهدات. وبعد ما أتم إجراءها وشرحها انبرت له إحدى السيدات وسألته: (يا مستر فرادي. هل يمكنك أن تخبرني ما فائدة؟) فأجابها على الفور ذلك الجواب المقنع المناسب: (وهل تستطيعين أن تخبريني عن فائدة الطفل ساعة ولادته؟) فأسقط في يدها ولم تحر جواباً

نشأة التلغراف

والتلغراف كان مطمح الآمال، وغاية العلماء منذ نشأة الكهربية، ففي عهد سكونها، وبعد أن كشف جراي ودي فاي (ص١٦) أن من الأجسام ما هو موصل وما هو غير موصل حاول بعضهم مد عدد من الأسلاك بعدد الحروف الهجائية، وهي تسعه وعشرون في اللغة الإنجليزية كل سلك فيها يقابل حرفاً من تلك الحروف فإذا أريد إرسال إشارة تلغرافية لكلمة معينة دلكت أطراف الأسلاك الدالة على حروف هذه الكلمة على التوالي، فتشحن هذه الأسلاك بالكهربائية فتجذب إليها في مكان الاستقبال كرات صغيرة من نخاع البيلسان فيؤلف المستقبل منها الكلمة المرسلة، وقد أخفقت هذه الطريقة كما أخفقت محاولات أخرى لما قام في طريقها من صعوبات: كبطء سير الإشارة أو ضعفها عن أن تصل إلى مسافات

<<  <  ج:
ص:  >  >>