للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ما كُنْتُ أَخْشَى حَرْبَ هذا ... الدَّهْرِ لكِنْ خِفْتُ سَلْمَهْ

فالْجَدْبُ في دُنيايَ مَعْنيً ... ذُقْتُهُ وَعَرَفْتُ طَعْمَهْ!

هُوَ نِعْمَةُ قَدْ ظَنَّها مَنْ ... لمْ يَسَعْهُ الْحُب نِقْمَهْ!

بيْداءُ!. . . هَأَنذا أَسِيرُ ... مَعَ الحياةِ إلى ترُابي!

وَغَداً سَأَرْوِي يا ابَنةَ ... الأوْهامِ خِصْبَكَ مِنْ يَبَابي

يا للَسَّعَادَةِ في الشَّقَاءِ! ... أَلَيْسَ ما بِكِ بَعْضَ ما بي؟

يَكْفِيكِ يا بيْداءُ أَنَّ مُصَا ... بَ رُوحِكِ مِنْ مُصَابي

بيْداءُ!. . . مَا ذُقتُ السَّعا ... دَةَ في حَيَاتي غَيْرَ مَرّهْ

يَوْمَ الْتَقَيْتُ بها وَكُنَّا ... في ضميرِ الْغَيْبِ فِكرَهْ!

يا لَلْهَوَى مِنْ ذَرَّةٍ قُدْ ... سِيَّةٍ هامَتْ بِذَرَّهْ. . .!

أَنَا للِشَّقَاءِ. . . وَإنَّما ... هِيَ للِسَّعَادَةِ وَالْمَسَرَّهْ!

يا ليْتنِي أَدْرِي بما بيْ ... نِي وَبَيْنَكِ مِنْ سُدُودِ!

أَفَنْيتُ عُمْرِي فيكِ أَجْ ... مَعَهُ لأِطرَحَ مِنْ قُيُودِي

فَعَرَفتُ فيكِ حَقِيقةَ الدُّن ... يا وَفلسفةَ الوجُودِ

لكنَّني لمَّا اهْتَدَيْتُ ... فَقَدْتُ مِنْ وَلَهِي حُدُودِي!

مَنْ عَاشَ لِلْحِرْمَانِ لَم ... يَحْفِلْ بما سَكَبَ السَّحابُ

وَلَقدْ يُصِيبُ المرْءُ في ... الدنيا فيُطرِبُهُ الْعَذَابُ

شَرُّ الْهِدَايَةِ مَا أَضَلَّ ... بِكَ السَّبِيلَ إليْهِ صَابُ

فَتَعالَ يا حِرْمَانُ ليِ. . . ... أَنتَ الحِجَا وَأَناَ التُّرَابُ!

بيْداءُ!. . . يا لَحْنَ الْهُدَى ... وَالطَّهْرِ في أعماقِ قلْبي

يا سِرَّ أَشْوَاقيِ وَمَعْ ... بَدَ لَهْفَتِي وَمَرَادَ حُبيِّ

فيِ صَمْتِكِ الهادِي قُلو ... بَ الحائرينَ عَبَدْتُ رَبِّي

أَهْوَاكِ يا بيْدَاءُ لكِني ... أَخَافُ عَليْكِ جَدْبي!

(القاهرة)

محمود السيد شعبان

<<  <  ج:
ص:  >  >>