ولكن الله يأبى إلا أن يضاعف دَيْني لك حتى يتجاوز قدرتي على الأداء، فأنا أريد أن تتكلف السعي إلى إدارة السياسة حيث تلقي صديقنا المرصفي وتطلب منه أصول الجزء الثاني من حديث الأربعاء فقد كلفته أن يجمعها لك، وأشكرك إن دفعتها إلى مصطفى أفندي محمد ليبدأ في طبعها. وأنا أرجو أن تكون بخير مطمئن النفس، وأن تكتب إلى في شيء من الإطالة والحرية، فإن كتبك وأحاديثك تقع في نفسي دائماً موقعاً حسناً. وليس لدي الآن ما يشغلني عن قراءة كتبك. فأنا أقضي من بقي من أيام الراحة في قراءة متفرقة لا نظام لها ولا نفع فيها، وأرجو أن أراك بخير حين أعود إلى القاهرة في الأسبوع الأول من الشهر المقبل، إن شاء الله، وتقبل تحيتي الخالصة)
طه حسين
وتاريخ هذا الخطاب (٢ أغسطس سنة ١٩٢٥)
وفيه غلطة نحوية وقعت من (توفيق) لأنه أساء النقل عن الدكتور، كما كان يتفق له في بعض الأحيان
فإن قيل: وكيف أمكن بعد ذلك الوداد الوثيق أن تَفسُد العلائق بيني وبين الدكتور طه حسين، فإني أجيب بأن لله حكمه فيما وقع بيني وبين هذا الصديق
لم يكن لي بدٌّ من خصومة أتخذ منها فرصة لتوجيه الجمهور إلى الحقائق الأدبية، وكذلك خاصمتُ عدداً من رجال الأدب، كان أظهرهم الدكتور طه حسين
وأنا اليوم في حياد، أو غير محارب، وهما حالتان متقاربتان، فمتى أخلق خصومات جديدة أذكى بها نار الأدب من جديد؟
أنا حاضرٌ للخصومة، على شرط أن أجد خصماً في مثل مواهب الدكتور طه حسين، فما أرضى بمنازلة الشادين في الأدب من الذين لم يأخذوا زادهم الأدبي إلا من قراءة الهوامش بالجرائد والمجلات
يا دكتور طه
إن كنت أنكرت أن تحمد الله إليّ فخطابك تحت يدي أقدمه إليك حين تشاء، فإن لم تحمد الله إليَّ فأنا أحمد إليك!
وإن أذن الله بانقشاع ظلمات الحرب فستراني حيث تحب أو حيث تكره بأبحاث طوال