لست أدري كيف جاز على الأستاذ أحمد أمين أن هناك أستاذاً في باريس اسمه مارسيل دوديه، وأن هذا الأستاذ عضو في جمعية اسمها جمعية الشمس والقمر والنجوم، وأن هذا الأستاذ ألقى في هذه الجمعية محاضرة عن الأكسجين في الأرض والأكسجين في الأرض والأكسجين في السماء، وأن هذه المحاضرة خرج منها السامعون أو السامع الواحد الذي يؤكد أنه سمعها ورأى فيها صوراً بالفانوس السحري وتجارب على الأرنب والجرذان، وعلى تلك الحشرة العجيبة التي اسمها (سانكا مانكا هوساروم). . . بفكرة هي أن الناس يستطيعون أن يعيشوا في أرض غير هذه الأرض وفي جو غير هذا الجو. . . مع أن قصة هذه المحاضرة كلها من أولها إلى آخرها ليست إلا مزاحاً أراد به صديق عابث أن يلهو مع الدكتور زكي مبارك الطيب القلب السليم النية، فقدمه إلى شاب من هواة التمثيل في باريس، بعد أن تنكر هذا الشاب في زي شيخ من العلماء الطاعنين في السن. وقد اختلق هذا الشاب الماجن الساخر كل ما حسبه الدكتور زكي مبارك حقاً، وألقى عليه المحاضرة الساخرة في نادي التمثيل الذي ينتسب إليه، وقد حسبه الدكتور المبارك جمعية علمية يعمل أعضاؤها على هجرة الأرض وسكنى السماء. . .
وقد كنت أربأ بصديقي الأستاذ أحمد أمين عن تصديق مثل هذه الأشياء، ولكن يظهر أن الذين قالوا: إن لكل عالم هفوة لم يكونوا كاذبين.
طه حسين
ولكني مسرور
بعد أن فضح أستاذنا الدكتور طه حسين ذلك الشاب الفرنسي الخبيث الذمي ادعى أنه أستاذ علامة، وأن اسمه مارسيل دوديه، وأنه يبحث عن سعادة البشرية واطمئنان الإنسانية، فحملني الخبيث على تصديقه والإيمان به. . .
بعد هذه الفضيحة، قد يحسب القراء أنني أريد السفر إلى باريس الآن لأبحث عن هذا الشاب وأخنقه وأشرب من دمه. . .