قرأت في عدد الرسالة الماضي كلمة يذكرني فيها صديقنا الأخ (زكي مبارك) ويزعم أنه قرأ في (الدستور) كلمة بإمضائي، عدها هو تعقيباً على المقال الذي نشره في (الرسالة) بعد سقوط باريس تحت أيدي الألمان.
ولو أحسن الدكتور زكي مبارك فأخرجني من عداد من ذكر لكفى نفسه مؤونة الفكر في أني أتعقب كلامه. ولو كان ما قاله الدكتور زكي صحيحاً لكان للسان مقال غير الذي قلت. والذي كتبته كان حديثاً عاماً لم أرد به أحداً يعينه وخاصته، وكثير غير الدكتور بكى باريس وناح، فكيف يريد أن يخص نفسه دون سائر من أعول على هذه المدينة؟
وإذن فسائر ما جاء في كلمة الدكتور زكي ليس يعنيني، ولا هو مما أستطيع أن أشتغل به، والمذهب الذي يجري فيه الدكتور غير مذهبنا، وبينهما من الفرق ما يوجب عليَّ أن أصرف خطابه - في هذا المكان من الرسالة - إلى من شاء غيري. وللدكتور مني تحية، وعليه سلام.
محمود محمد شاكر
ملاحظات علمية
١ - كثيراً ما أجد فيما أقرأ من المباحث التاريخية مطاعن في بني أمية منقولة عن المسعودي، وينسى هؤلاء الباحثون (ومنهم من هو عميد كلية أو أستاذ في جامعة) أن المسعودي على جلالة قدره ورفعة مكانه بين المؤرخين لا يحتج به في مثل ذلك، لأنه شيعي متهم ببغض الأمويين والطعن فيهم. وقد نص على شيعيته الأستاذ الكبير آل كاشف الغطاء في رسالته أصل الشيعة وأصولها؛ كما أنه لا تقبل رواية السني المتصعب في الطعن على الشيعة، وهذا معروف عند العلماء.
٢ - ذكر الأستاذ أحمد أمين في فجر الإسلام (ص ٢٤٨) دليلاً على كثرة الوضع في الحديث أن البخاري اختار كتابه الصحيح وفيه سبعة آلاف حديث منها نحو ثلاثة آلاف مكررة من ستمائة ألف حديث كانت متداولة في عصره.