للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مذهب الرمزيين. كما أنه من أشد القراء عناية بتتبع آثار بول فاليري القلمية، وقد حضر في بروكسل تمثيل بعض روايات بول كلوديل سفير فرنسا في بلاده، ولم يكن حضوره مجرد مجاملة للسفير بل تكريما أيضاً للأديب.

وكثيراً ما أعرب الملك عن إعجابه بالأدب الفرنسي. وكانت إحدى المناسبات السانحة عندما جاء مسيو بول كلوديل إلى قصر (ليكن)، وهو على مسيرة عشرين كليومترا من بروكسل، لتقديم أوراق اعتماده فاستقبله الملك في حجرة المكتب الفسيحة الجنبات العالية السمك، حيث كان يحب الجلوس محفوفا بكتبه التي لا تقل في عددها عن ثلاثين ألف مجلد، وأدواته وأجهزته العلمية. وحياه الملك بالفرنسية بلهجة فلمنكية لها رنة ثقيلة حلوة قائلاً (هذا سفير الفكر الفرنسي). ولحظ السفير الأديب أحد مؤلفاته على مكتب الملك

كذلك كان الأدب الإنجليزي محبباً اليه، وقد نوه بذلك ذات مرة في خطب ألقاه بعد الحرب في قاعة بلدية لندن في أثناء حفلة أقامتها له جمعية الأدب الملكية.

ولا شك في أن هذا الملك الجندي، المعدود بين أكبر هواة الرياضة وتسلق قمم الألب، كان يؤثر الزيارة لأحد المصانع أو المعامل أو النزول في أحد المناجم، على زيارة معرض للتصوير، وأن استماعه إلى العمال في عملهم أحب إلى نفسه من أحاديث أبناء الفن المنمقة في ردهات المعارض يوم الافتتاح. غير أنه كان يستفسر من هؤلاء وهؤلاء، ويهتم بكل شيء شوقاً منه إلى المعرفة وقياماً بالواجب، ولما أن أقيمت سراي الفنون الجميلة في العاصمة تجاه القصر الملكي أو بعبارة أدق، أقرب ما يكون إلى مواجهته - أصبح الملك من أخلص المترددين عليها. ولقد يزور المعرض في الصباح الباكر زيارة الجيران وهو يلبس قبعة من اللبد عريضة الحافة، وفي رقبته ربطة معقودة على نحو ما يفعل الفنانون. ويطوف به الأستاذ الفنان (إنسور) وهو في مثل رداء مولاه، يشرح له الألواح والصور أكثر من ساعتين. والملك مطيع له، مصغ إليه. والجمهور لا يكاد يتنحى بعيداً عنهما، يتبعهما ويتابعهما بعيون ملؤها الإجلال والمحبة. وفي كل لحظة يقف الملك مقترباً من كل لوحة يدقق فيها نظره القصير ويسائل مرشده الشيخ مبتسما.

كذلك كان من آونة لأخرى ينزل إلى قاعة الموسيقى مزدانة بالأزهار والتحف الفنية ليستمع إلى الموسيقى ولا سيما موسيقى فاجنر، فقد كانت عند أثيرة. ولقد قال ذات مرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>