الخراب المالي، وتصدع بناء الوزارة لأنها لم تقو على معالجة الازمة، ووضعت الدول ذات الشأن شروطاً شديدة لإعانة النمسا وإقراضها، ومنها الإشراف على مالية النمسا على يد لجنة دولية، فاستقالت الوزارة في يونيه، وبعد مفاوضات معقدة خلفتها وزارة ائتلاف أيضاً على رأسها الدكتور بوريش، وعاد هر شوبر فتولى وكالة الرئاسة والخارجية وعنيت الوزارة الجديدة بمسألة الإنقاذ المالي وتوطيد الميزانية، واستطاعت بعد جهود عديدة أن تصلح الموقف نوعاً، وأن تدبر مسألة القروض المالية مع الدول ذات الشأن، وعالجت أيضاً مسألة المرتبات وإعانة العاطلين.
ووقعت في ١٣ سبتمبر محاولة عنيفة قامت بها عصابات الهايمفر في ولاية ستيريا دبرها الدكتور فريمر. واستولى الهايمفر خلالها على عدة مبان ومدارس حكومية، فجردت حكومة فينا في الحال على الثوار قوة كافية وانهارت المحاولة في الحال وفر مدبرها الدكتور فريمر، وكانت هذه أول محاولة من جانب الهايمفر للتطلع إلى السلطة، ولكنها كانت محاولة ضئيلة، ولم يبد من الشعب عندئذ أنه متحمس في تأييد الهايمفر. واستمرت وزارة بوريش في كرسي الحكم حتى مايو سنة ١٩٣٢ ثم استقالت. وهنا قامت وزارة على رأسها رجل لم يعرف من قبل كثيراً في ميدان السياسة هو الدكتور انجلبرت دولفوس، وهو من رجال الاقتصاد، وكان قد تولى وزارة الاقتصاد في الوزارة السابقة، ولكنه لم يعرف من قبل ذلك بأي نشاط سياسي. وهو من رجال الحزب المسيحي الاشتراكي، قوى الإيمان والنزعة الدينية، ولم يكن يوم توليه الرآسة قد جاوز الأربعين بعد، وكان المقدر أن هذه الوزارة الجديدة ستكون وزارة إدارية على الاغلب، وانها لن تعمر طويلاً.
ولكن الدكتور دولفوس لا يزال يشرف على مصاير النمسا منذ عامين، ولا يزال يواجه الصعاب والأزمات المختلفة بجلد وشجاعة تخلقان بالإعجاب. ولم تلق النمسا الجمهورية من الأزمات العصيبة الداخلية والخارجية مثل ما لقيت في العامين الأخيرين، ولكنها استطاعت حتى اليوم أن تجوز هذه الصعاب، وأن تحافظ على كيانها السياسي والاقتصادي. وبدأ الدكتور دولفوس بالعمل في سبيل الإنهاض الاقتصادي، وانتهى في ذلك بعقد بروتركول لوزان على يد عصبة الأمم لمعاونة النمسا المالية والاقتصادية. ولكن هذه الخطوة أثارت معارضة شديدة من جانب الديمقراطيين وباقي الأحزاب المعارضة، ولم