السوق على جنود القائد (دوجا)، وأعملوا فيهم السلاح حتى أفنوهم. وسجل التاريخ في ثبت الخلود من أسماء القادة في هذه الثورة: الأمير مصطفى كبير محلة دمنة، وعلي العديسي شيخ القباب، وحسن طوبار زعيم المنزلة.
وفي الثورة المصرية على الاحتلال كان للمنصورة وإقليمها في البطولة الوطنية مواقف سارت مُثلاً مضروبة في الإيثار والتضحية ولا تزال أسماء الشناوي والجيار وعبد النبي والأتربي عناوين لفصول خالدة من كتاب الجهاد الوطني المقدس.
على أن المزية الظاهرة للدقهلية هي انطباع أهلها على الأدب والفن حتى العامة والسوقة. وإنك لتتبين أثر ذلك في كل ما يصدر عنهم من ثمار العقل والقلب حتى في القانون والسياسة. وحسبك أن يكون من نوابغها في الأدب: علي مبارك، ولطفي السيد، وحسين هيكل، وعوض إبراهيم، ومحمد العشماوي، ومحمد عوض محمد، وإبراهيم رمزي، وعبد الله عنان، وصالح جودت الكبير. وفي الشعر: إسماعيل صبري، وعلي محمود طه، والهمشري، وكامل الشناوي، وصالح جودت الصغير، وعبد الغني حسن، والوكيل. وفي الغناء والموسيقى: أم كلثوم، ورياض السنباطي، ونجاة علي، وسعاد زكي، والدكتور الحفني. وما اقتصرت على من ذكرت إلا لأنهم عُرفوا بالأسماع في أقطار العروبة فلا يضعف بهم المثل. والواقع أن في كل بلد من بلاد هذا الإقليم الفنان هيكلاً لعطارد تفاديه نفثات الأولمب، وتراوحه نفحات عبقر!
أقامت جريدة الإصلاح في السنبلاوين لمجلة الرسالة حفلة تكريم وترحيب؛ وشاء زميلنا الكريم صاحب الجريدة أن تكون حفلته مظهراً من مظاهر الأدب الإقليمي في صورة من صور العطف الجميل؛ فدعا إليها جمهرة من أدباء البلد المختلفين في الجنس والزي والثقافة، فأسمعونا على موائد الشاي الحافلة أفانين من النثر المشرق الأسلوب، والشعر المحكم الأداء، والزجل البارع النكتة، فعجبنا أن نجتمع هذه الجملة المختارة في هذا البلد المغمور؛ ثم علمنا أن في كل بلد من بلاد الدقهلية عكاظاً يتبارى فيها صاغة القوافي وحاكة الفقر!
يا لله للريف المسكين! لقد غبنته المدينة في كل ما ينتج من مادة وأدب: ففلاحه يكد ولا ينال القوت، وشاعره يغني ولا يجد السامع، وصحفيه يجاهد ولا يلقى الجزاء!