وبالرغم من ذلك كله فإن أسلوب إسماعيل أدهم يتميز من غيره من الباحثين المعاصرين بطابع خاص انفرد به وحده، وهذا الطابع تظهر فيه شخصية أدهم ظهوراً مستقلاً.
وقد بلغ من استقلال هذه الشخصية الأسلوبية وتفردها أنها كانت تنم عن صاحبها حتى ولو لم يعرف القارئ اسم كاتب المقال. وهو في ذلك يمتاز من كثير من الباحثين أو الكاتبين المعاصرين الذين يكادون يذوبون في غيرهم كما يذوب الثلج في الوهج. . . وهذه الميزة الفريدة لأدهم هي التي أعطته مكاناً طيباً في عالم النقد، فقد كان يُنظر إليه نظرة اعتبار من صاحب (الحديث) في حلب، وأصحاب (المقتطف) في مصر، وصاحب (الرسالة) الذي أفسح له صدرها غير عابئ بما كان ينسج حول أدهم وما يحاك له. . .
على أن هذه الشخصية الأسلوبية لأدهم لا تعني أنها استقلت بمقوّمات أو حسنات فقط، فقد كان فيها بعض العيب - وسبحان الكامل - فقد كان فيها شيء من لكنة الأعاجم. إلا أنه لحسن الحظ أن هذه اللكنة الموروثة فيه لم تفسد معاني كتابته، وإن كانت تضيع من عربيتها.
ويظهر أنه كان فقير المادة اللغوية العربية. وهو معذور في ذلك كل العذر لعجمته أولاً ولصغر سنه ثانياً. فلم يتح له عمره القصير أن يحيط بثروة لغوية واسعة، وإن كنا نلاحظ عليه ازدياد محصوله اللغوي من عام إلى عام.
ويؤيد ما نقول أنه كان له كثير من الألفاظ والتعبيرات والتراكيب الخاصة به يديرها في كل مبحث من مباحثه، ويكررها في كل كتاب من كتبه، وقد ينسى فيكررها في الصفحة أو الصفحتين المتقاربتين ثلاث مرات أو أكثر، ولسنا نلقي الكلام هنا من غير دليل، فهو يقول في أحد كتبه (تقطعت نتيجة له أوصال عقليته التقليدية) ويقول في الصفحة المقابلة من الكتاب نفسه (تقطعت أوصال عقليته التقليدية تحت محراث العلم والثقافة الغربية)، ويقول في صفحة ١٨ من الكتاب نفسه (فتقطعت عند الكثيرين من أبناء الشرق العربي أوصال العقلية القديمة).
وقد يكون العلة في هذا التكرير الواضح في كتابته ضعفُ محصول اللغة عنده كما أسلفت، وقد يكون له سبب آخر غير ذلك ولكن الذي لا شك فيه أن هذه الظاهرة في أسلوبه تدل دلالة قاطعة على عدم مواتاة الفيض التعبيري عند الكاتب.