التناقض الظاهر أن يصدر عنه نداء بالتضحية في الوقت الذي يؤكد فيه أن الأخلاق القوية الصحيحة هي التي تدور حول الأنانية والاعتزاز بالنفس! كيف تريدني على إنكار نفسي وتمهيد الطريق لسواي، أستغفر الله بل تدعوني إلىإخلائها وتركها لمن هو خير مني، وفي هذا من الاستكانة والضعف ما يعود نيتشه فينكره أشد إنكار؛ ولم لا أثبت أنا في الميدان؟ ولم لا أكون أنا السوبرمان المنشود بعد إصلاح ما اعوج من طبيعتي؟ كذلك يريد نيتشه أن يقوض الأخلاق السائدة التي تعتمد على الرحمة والإيثار والعطف، ويقول أن ذلك خلقه الضعيف خلقا ليتقي به القوي وقسوته؛ وكم كنا نود أن نسأله كيف تغلب الضعيف حتى سادت آراؤه وأصبحت أخلاقا معترفا بها؟ وأين كانت الأرستقراطية القوية عندما شهرت صفوف الشعب في وجهها هذا السلاح الرهيب؟
الحق الذي لا شك فيه أن النزعات والأخلاق جميعا قد فرضها القوي على الضعيف فرضا، فان كان بها من الوهن شيء، فلا يقع تبعته إلا على عاتق القوي الذي يروج لحكمه نيتشه.