لولا سناها لما عاينْتَ شاعرَهم ... وقد توسَّد كفّيْهِ على النهر
بجنبِ شيرينَ مأخوذاً برَوْعةِ ما ... تُدليهِ في مائه الجاري من الشَّعر
ووجهُها باسمٌ يُغني بطَلعتِه ... عن الشُّمُوعِ ويُمناها على الوتر
قال: انظُري كيفَ يبدُو في الظلام لنا ... سرُّ الجمالِ الذي يخفَى مَعَ السحَر
شِيرينُ! لو كانَ لي بْعدَ البِلى أملٌ ... لما تَمنَّيْتُ إِلاّ ثانِياً عُمُرِي
فعشتُ في هذهِ الدنيا كعهْدِكِ بي
للحُسْنِ. . . يُشعِلُ لي ناراً فأغْشاَها
- ٧ -
لِلحُسْنِ فينا - كما فيهِ لنا - وطَرٌ
مَنْ لمْ يَحُمْ
بَينَ يَدَيْ
نُورِهْ؟
عاشَ الندامَى. . . وحَلّى كأسَهُمْ قَمرٌ
على النغَمْ
مِنْ عَرْشِ دَيْجُورِهْ!
عادَ الربيعُ لنيْسَابورَ ثانِيةً ... وقدْ تبدلَ زاهي أمْسِها بغدِ
فكانَ في الموكبِ التالي كسابِقِه ... يَمْشي معَ الْحُسنِ مُخْتالاً يداً بِيد
كم ذابَ قلبُ هزارٍ في ترنمِهِ ... حتى تضوعَ هذا الزْهرُ وهْوَ ندِ
عادَ الربيع وقد حف الْحِسانُ به ... إلا الذي كانَ يهْوى الْحُسْنَ لم يعْد
سلِ الوُرودَ وقد وارتْ بكلَّتِها ... ضريحَهُ لَمِ لمْ تُكْثِرْ من العَدد
هُناكَ حيثُ قديماً طابَ مَحْلُفِهُمْ ... حلَّ الندامَى على أنماطِها الْجُدد
عادَ الربيعُ. . . فلا ردُّوا تحّيتّه ... إلا بأحْسَنَ منها - دائِمَ الأبد
بِشُعْلَةٍ في يدَيْهاَ رُوح شاعِرِهِمْ ... مثْلَ الفراشِ حوالَيْها معَ الحشد
حتى إذا تمَّ دوْرُ الكاسِ بْينَهُمُ ... مالتْ إلى القْبرِ بالباقِي ولم تكد
فرددتْ قولَه - والعودُ في قَلقٍ ... تهْتزُّ أوتارُهُ من صَوتِهاَ الغرِد -