مخيلة (ريبو)، وناقشناه على هذا الأساس ليفهمنا ويتبعنا، مدللين على أن متولي يخلط بين ألوان الرمزية لينفي عن مسرحية (مفرق الطريق) طابع الرمزية الأصيل، قام يتهمنا بما أخذناه عليه، وكأنه يأبى أن ينزل إلى حق أو حجة أو برهان. . .
ولكننا أوتينا الصبر والجلد، وهانحن أولاء نقدم فصلاً (في الرمزية) كما أرادها (ريبو) محاولته وليس كما أرادها الأستاذ متولي في مقاليه السابقين، وسنسوق في عرض هذا الفصل الأخطاء التي تورط فيها متولي عفواً أو عمداً.
المخيلة في رأي ريبو
يقسم (ريبو) المخيلة قسمين رئيسيين عامين كلاهما إزاء الآخر مكان الماء من النار.
١ - القسم الأول، وأسماه (ريبو) المخيلة المصورة وخاصيته وضوح الصور الجزئية وتحددها، وقربها من الإدراك، وإيهامها بأنها حقائق، وتداخل بعضها في بعض لصلات بينها موضوعية، قابلة للتعيين بدقة، ومن ضروب هذه المخيلة: مخيلة المثال والمهندس والشاعر الوصفي، وبعض أرباب العلوم والصناعات.
٢ - والقسم الثاني؛ وأطلق عليه ريبو أسم (المخيلة السيالة) وخاصيته التقريب بين صور جزئية غامضة ملتبسة فياضة، ويكون هذا التقريب على هوى الاستعداد الشعوري من غير قاعدة ولغير سبب منطقي. ومن ضروب هذه المخيلة: أحلام اليقظة، وجولان الفكر، وتلفيق القصص، وبعض التصورات الدينية، وبعض ألوان الفن، مثل فن الرمزية ولا سيما (الأدب الرمزي) الذي كان في عصر (ريبو) حين صدور كتابه، أي قبل عام ١٩٠٠
ويذهب (ريبو) بعد ذلك إلى أن للمخيلة أنواعاً أخرى أقل عموماً من القسمين السابقين. منها (المخيلة الصوفية). وفي رأي (ريبو) أن هذه المخيلة الصوفية تمت بسبب إلى (المخيلة السيالة) ولا سيما في شكلها الشعوري، وإن كانت لها خصائصها، وهنا يحلل (ريبو) هذه المخيلة، ويميزها عن المخيلة الدينية والمخيلة الفلسفية.
ذلك هو مجمل مذهب (ريبو) في المخيلة على أقسامها وضروبها. والآن نرجع إلى ما كتبه الأستاذ متولي في الرمزية، ونراجع استشهاداته لنتبين مدى فهمه ومقدار أمانته وهو يستند إلى كتاب مطبوع متدوال. وفيما سنورده أقوال جديدة وأخرى سبق أن رددنا بها أخطاء