للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا صديقي لا تغتر بلباس ... للامع قد يكون ستراً لبؤس.

ماذا تجد في حسك من هذا الشعر؟ ألا تجد في ذوقك المطبوع على نغم القوافي العربية نفوراً من هذه الفواصل المتدابرة؟ لقد كان هذا النشوز يخف لو راعى الأستاذ الشاعر اتحاد الأصوات في أواخر الأبيات كقوله مثلاً على لسان سرجيس:

قد علمنا أن الحياة غرور ... ثم لا نستطيع غير الغرور

جعل الله في النفوس نزوعا ... لاضطراب الحياة رغم العقول

فان بين الغرور والعقول مزاوجة تلطف من وقعمها على الذوق الحساس والعادةالموروثة: ولكن أين هذا وذاك من قوله في ختام الفصل الخامس على لسان شيرين (ص١٢٩)

أيها الذاهب الشهيد بنفسي ... ما أصابتك من جروح دوامي

قد أسالوا الدم الزكي. وأني ... تنفع المدنف الدموع الهوامي؟

ذهب اليوم صاحب وحبيب ... كان من هذه الحياة نصيبي

فجعوني به، فكيف حياتي ... بعد أن غاب عن حياتي حبيبي

شيرويه (يرى شيرين فيظهر التألم)

وا أبي! صرعة العظيم قضاء ... عرفته النجوم منذ القديم.

قد أراد القضاء ما كنت أخشى، ... ما احتيالي في الكائن المحتوم؟

شيرين: (لشيرويه)

أنا أبكي والدمع حسبي، فمالي ... حيلة في المصاب غير دموعي

ليس لي الصولجان والسيف حتى ... أندب الملك بانتقام وجيع.

شيرين:

دع لمثلي الدموع، فهي دوائي ... من شجون لواعج وكلوم

فجعوني بصبيتي تحت عيني، ... وأسالوا دماء قلب سقيم

ثم ضحوا بصاحبي وحبيبي، ... وا فؤاداه للصريع الكريم!

أسعفي يا دموع قلبي حتى ... أجد الطب في الهلاك الرحيم

ففي هذه الأبيات اشتد التأثير في الموقف، وقوى الشعور في الأشخاص، فغلبت القافية إرادة الشاعر، وجاء المنظر الختامي حجة عليه ونقضاً لما عاناه من ترويض الآذان على الشعر

<<  <  ج:
ص:  >  >>