للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضع هذه الفروض أساساً وسخر الأساليب الرياضية، فإذا هو يستنتج وجود الأمواج الكهرطيسية وخرج بالقول إنه (. . . إذا تغيرت قوة (الحقل الكهربائي) تغيراً دورياً في السعة والاتجاه كان لا بد من حدوث موجة كهربائية. . .) وأوضح أنه إذا طبق هذا الأسلوب على الحقل المغناطيسي أمكن إحداث أمواج مغناطيسية، وقال: (إن الموجة الكهربائية يصحبها موجة مغناطيسية، والمغناطيسية يصحبها موجة كهربائية وأن الواحدة لا تحدث إلا والثانية معها، وأثبت أن قوة الحقل الكهربائي عمودية على قوة الحقل المغناطيسي، وأن كلا منهما عمودي على اتجاه التيار. . .) وظهر له أيضاً أن هذه الأمواج مستعرضة تشبه أمواج الضوء وأنها تسير بسرعة الضوء.

ولا يخفى أن هذا الاستنتاج ذو أهمية عظمى وكان له شأن كبير في تقدم اللاسلكي، وقد حمله على القول بأن الضوء قد يكون نوعاً من أنواع الطاقة الكهرطيسية لولا بحوث ماكسويل ومعادلاته لما تقدمت المخاطبات اللاسلكية تقدمها الحاضر، ولما كان في إمكان العلماء أن يملئوا الأجواء بعجيج الأمواج اللاسلكية وقد حملت على أجنحتها الأنباء والأخبار والصور.

إن ماكسويل من الذين وضعوا الأسس التي يقوم عليها الاختراع في هذا العصر، ومن الذين أنعم الله عليهم بقوى خارقة عملت على ترقية الفكر العلمي وكشفت عن أسرار الطبيعة وغرائبها وأخضعت قواها لمطالب الإنسان، فهو من مفاخر الإنسانية ومن كبار العلماء المقدمين الذين تركوا آثاراً خالدة ومآثر جليلة في ميادين العلوم الطبيعية والرياضية. إن ماكسويل وأضرابه من المستنبطين من أغلى الممتلكات التي تملكها الأمة ويقول هوفر: (. . . إن كل مبلغ من المال مهما يعظم ضئيل إزاء عمل هؤلاء الرجال الذين يملكون قوة الإبداع والتفاني والمثابرة على ترقية الفكر العلمي خطوة خطوة حتى يصلوا به إلى البيوت فينشروا فيها أسباب الصحة والراحة والرفاهة. إننا لا نستطيع أن نقيس ما عملوه لترقية العمران بكل أرباح البنوك في جميع أنحاء المعمورة)

(نابلس)

قدري حافظ طوقان

<<  <  ج:
ص:  >  >>