ثم تَزْوَرُّ كالْجَواد - عَلَى الطّعْن - ... وتَعْدُو كالشّادن المذعور
ليتَ شعْرِي وَمَا نضَوْتُ شَبْابي ... كيفَ صَبْرِي على جَفاء الحُور!
عَجباً للحسان يَزْهَدْنَ فِي الشّيْب ... وَمَا الشَيبُ غيرُ هالةِ نورِ
قلتُ: يا (نُعْمُ) لاَ يرُعْك مَشيبي ... إِنّه حِلْيةُ الزُّمِيت الوَقور
هُوَ كالدّر في نُحور الرَّعَابيب ... وكالنَّوْر في حِفَافِ الْغَديرِ
نَاسَبَ الأَوْجُهَ الرِّقَاقَ بياضاً ... وَحَكى وَمْضُه رفيفَ الثغور
وَهَبِيه قذَى العيون فَمَنْ يَسْطيع ... دَفْعاً لِعَادِيَات الدهور
كلُّ طِفْلٍ - مَا أَخْطَأَتْه الْمَنَايا - ... سوفَ يلقَى عَلَى الزمان مَصيري
وَإِذَا مَا اجْتَوَيْتِ شَعْرِي فَشِعْرِي ... حَلَبُ الكَرْم بالزُّلال النَّمير
لَكِ مِنْهُ وَشْيُ الرُّبَا وَجَنَى الرَّو ... ض وَأكْمَامُ وَرْدِهِ المَنْضُور
وَنَسِيبٌ يَسْتَلُّ (قَيْساً) و (لَيْلاَ ... هُ) من الرَّمْس قبل يوم النُّشور
وَغِنَاءٌ ينْساب في مِسْمَع الكوْ ... ن ويَسْرِي على جناح الأثِير
فأجابتْ والزَّهْوُ يَعْطِفُ منها ... خُوطَ بانٍ تحت الصَّباح المنير
لا تُحَاوِلْ خَدْعي فشيْبُكَ أَزْري ... بنظيمٍ - تُزْهَي بهِ - وَنَثِير
َقسَماً بالصَّفا وزمْزمَ والمَشْعَرِ ... والبَيْت حَالِياً بالسُّتُور
لو نظمتَ النّجومَ والشمسَ والبد ... ر، وفصَّلْتَها بدرّ البحور
وحَوَيْت البيانَ شَطْرَيْه حتى ... فُقْتَ فيه ابْنَ هَانِئِ والْحَريري
لستُ أرضاكَ للغرام فدعْني ... أنشُد العيْش في ظِلال السّرور
أَبِرَأْسٍ مِثْلِ الثَّغَامَة عاثَ الشَّيْبُ ... فِيهِ عَيْثَ الْجَراد المُغير
وَبِجَيْبٍ كَجُحْرِ ضَبٍّ خَرَابٍ ... تَعْمُرُ الرِّيحُ جوْفَه بالصَّفير
تبتغي خُلّتِي وترجُو وِصالي ... شَدَّ ما سُمْتَني عذابَ السعير!
يُمْلَكُ الْحُسْنُ بالشَّباب وبالما ... ل فما الظنُّ بالكبير الفقير
قد رَضِينا مَشِيئَة الله فينا ... وامْتثَلْنَا لِحِكمَةِ المَقْدُور
وَلبِسْنَا عَلَى الصِبا حُلَّةَ الشيب ... فأهلاً وَمرحباً (بالنَّذير)
وَلَزِمْنا المحرابَ نَجْأَرُ بالتَّهليل ... في صَدْره، وبالتَّكبير