فَمِجْمرةُ العودِ في جانبٍ ... ومِعْزفةُ العودِ في ناحيه
ومن حولِ هاتْين شفّت ستائِ ... رُ عن كلَّ نُمْرقَةٍ غاليه
وقد عقدَ الورْدُ حولَ السري ... رِ من مثْلِ ألوانِها حاشيه
فتُسرعُ باسمةً نحْوه ... وتأخذُ يُمناه كالشاكيه
وتهْويِ به بينَ تلكَ الظِّلالِ ... وتبْقَي الظِّلالُ على ما هِيه
فلا تسْمَعُ الأذنُ غيرَ الصَّدى ... صدى الرُّوحِ تهفو إلي ثانيه
وَلاَ تُبْصِرُ العينُ إلاّ يداً ... تمرُّ برِفْقٍ على ناصيه
إلى أن تذُوبَ الشِّفَاهُ التي ... تُنَاغِيهِ في هَمْسَةٍ خافيه
وكانت قِصاراً ليالي الهناءِ ... ولكنّها ازْدهرتْ كاملَهْ
فلمْ يشْعُرا بحُدَاءِ الربيعِ ... ولا كيفَ مرَّتْ بهِ القافلة
وحلَّ الخريفُ لتنْعَى الطيورُ ... إلى الروْضِ أوراقَه الهاطلة
تبدَّلَ في عيْنِها كلُّ لونٍ ... فيا لكِ مِنْ صُفْرَةٍ قَاتلَةْ
فهامتْ فرادَي علي وجْهِهَا ... وكانت تقِرُّ مَعاً نازِلة
وماذا تُؤمّلُ بَينَ الغُصُون ... وقد تركَتْهَا الصَّبَا عَاطِلة
على كلَّ صَاوٍ لها رَنّةٌ ... تُسَائله، لو وعَي سائلَه
وأمْسى أدِيمُ الثرَى صورةً ... لِما رَسَمَتْهْ الخُطْا العاجلة
ومن بينَ مِنْ شيَّعَتْها الطيورُ ... إلى عالَمٍ لا ترَى ساحلَه
على صِغَرِ السِّنِّ بين الحسا ... نِ زهْرَةُ آمالِه الذّابلة
وأدْمَى الْمصَابُ فؤادَ الأمير ... وأفقدَهُ رُشْدَهُ في أساهْ
فظلَّ ثلاثاً بلا بُلْغةٍ ... وقد برِمَتْ نفسُه بالحياة
يلوحُ لناظِره طيْفُها ... فيَجْزَعُ من دمْعِه إن محاه
ويضحكُ مِنْ قلْبِهِ سَاخِراً ... إذا لم يرِنَّ اسْمُهَا في صداه
وكم أطْرَقَ الرأسَ حتّى إذا ... أحَسَّ بذلكَ جُنَّتْ يداه
وكم لبِثتْ عينه في الظلام ... شاخِصَةً لا ترى ما يراه
وتلّى على صَوْمِهِ رَابعٌ ... وما زال جُثْمانُهَا في كراه