وتلكَ هيَ النارُ في صدْرِه ... ولكنها التهبَتْ زاهرة
ففي كلِّ رُكْنٍ لها آيَةٌ ... تُحَدِّثُ عن حُسْنِها شاعِرة
لقد كانَ يُرْضِيه منها البَهاء ... فأصبَحَ لا يرْتضِي الباهرة
وأكْسَبَهُ ضرْبُه في الفنُو ... نِ ذوْقاً هدَى فِطْرَةً طائِرَة
ليختارَ من وحْيِها ما يَجِلُّ ... ويُهْمِلَ عن عَمدٍ سائرة
فكم شُرْفةٍ أثْقلَتهْا النُّقو ... شُ ردَّ سُرادِقَها حاسرة
لِتَنْهَضَ من فوْقِها قُبَّةٌ ... تخالُ السماَء بها غائرة
يغيبُ عن الحسِّ مَنْ زارها ... ويَشْهَدُ في ظلَّها الآخرة
تهلَّل بالحُسْنِ وجهُ الضريحِ ... وقامتْ منائِرُه باتَّزان
تُطِلُّ على أَثَر للخُلو ... دِ قامَ على آخر وهْو فان
وكانت تجيءُ إليه الوفود ... تُبارِكُ سُمْعَتَهُ بالعِيان
فتَشدُو أدِلاَّوهُمْ بالتي ... على حُسْنِها عُقِدَ المهْرَجان
وكيفَ قضتْ في صِباها فشادَ ... لها الْحُبُّ لُؤلُؤةَ في الزمان
فَتَخْشَعُ أطْرَافُهم للمكينِ ... وتخْفِتُ أصواتُهم في المكان
وكم شاعرٍ هائمٍ في الخيالِ ... تمثَّلَها فبكَي من حنان
وحسناَء تحبْسُ أَنفاسَها ... لعاقبةٍ - مِثْلَهَا - في الحسان
وَعَاشَ الأمير على عَهْدِهِ ... يقومُ لها كلَّ يومٍ بشان
وَمِنْ حَوْلِه مُلْهِمَاتُ الْفُنُونِ ... تَرِفُّ على قلْبِهِ بالأمانِ
وَأَمْسَى بشَيْبَتِهِ ذَاتَ يومٍ ... تُنَادِمُه روحُها الساريَةْ
يرى الوافِدَاتِ إلى قبْرها ... وهُنَّ يزَغْرِدْنَ في عافية
فيُثمِلُه حُسْنُ ما قدْ أَتمَّ ... وَيَذْكرُ ما لم يَكُنْ نَاسيَة
لقد لبِسَ الصْرحُ هذا الجلالَ ... بأشرافِ قُبَّتِه الْعالية
ولم يبْقَ ركنٌ على حَجْمِه ... سِوَى موْضِعِ التُّربة الزاكية
ونظْرَتُه ترْتمي في البِنَاء ... فتسْبحُ في جَوِّ صافية
ولكِنهَا كلّما راجعَتْ ... سوارِيْهِ. . . ساريةٍ سارية