للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معهما برهة ثم خرجت إلى الردهة لأعمالها التي لا تنتهي، وكان الدرس شاقاً على المعلم والتلميذة على السواء، ولكنه لم يرض بالهزيمة وإفلات الفرصة السعيدة من بين يديه فشرح لها الدرس على قدر فهمه. وكان إذا غلبه الارتباك نظر إليها وسألها قائلاً: (فاهمة؟) فتهو رأسها بالإيجاب سواء أكانت فاهمة أم غير فاهمة. ووجد حامد في هذه الدروس فرصة جميلة للاجتماع بفردوس، وكان يجذبه إليها ما يجذب فتى مثله في فورةالشباب إلى فتاة في نضوجها وحسنها انطوى عليهما بيت واحد، وربما كانا معاً يكابدان هذا الشعور الطبيعي ولكنهما لم يتقدما قي علاقتهما عن أول يوم التقيا فيه لأن الشاب كان ريفياً (خاماً) وكان يقنع بأن يقول لها صباح الخير أو مساء الخير وهو يحدجها بنظرة ذات معنى كأنها تتوسل إليها أن تفهم، أو أن يضغط على يدها إذا مدتها إليه بالسلام. وكان كثير الحذر في التعبير عن شعوره خشية تتنبه إليهما أم فردوس لأنه كان يتوهم أنها لم تتنبه إليهما بعد. . .

واطردت الأيام وهو جد سعيد بحياته، حتى كان صباح جمعة، وكان من عادته أن يمضي صباح الجمعة خارج البيت إلى ما بعد الصلاة؛ وكان يقطع حارة دسوقي في طريقه إلى شارع الملك فألتقى بأم بخاطرها الغسالة وهي ملتفة في ملاءتها القذرة كغرارة الفحم، وكانت تغسل له ثيابه ثم انقطعت على أثر شجار قام بينها وبين أم فردوس تبودل فيه القذف والسب وشد الشعر والبصق وحركات أخرى غاية في الغرابة، فأقبلت المرأة عليه وحيته وقالت:

- ياسي حماد أنا أرغب في مقابلتك منذ زمن طويل فالحمد لله الذي أراد بك كل خير. . . تعال أحدثك حديثاً يهمك. . .

وانتبذت به مكاناً خالياً من الحارة ثم استدركت تقول:

- أنت شاب طيب القلب لا تدري من أمور الدنيا شيئاً فاحذر هذه المرأة. . . أم فردوس داهية شريرة تجد منذ زمن طويل في الإيقاع بك. . .

فبوغت الشاب بهذا القول وأخذه العجب وسألها في ارتباك ظاهر: (أي إيقاع بي تعنين!)

فقالت المرأة وهي تخافت من صوتها:

- ابنتها؟. . . ألا تفهم؟. . . ابنة العربجي. . . فردوس التي تسير في الطريق عارضة

<<  <  ج:
ص:  >  >>