للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الديارات والحانات، وفي تأديبك صيانة للخلافة وردع لك ولغيرك عن هذه الفضيحة. ثم أمر بعماريات كانت معه فأركب فيها مع حُرمه وردَّ إلى داره. فبلغ ذلك المعتصم فكتب إليه يصوب رأيه وفعله ويأمره ألا يرخص لأحد من أهل بيته في مثله

وأم أبي علي هذا تعرف (بشَكل). وكان الرشيد قد اشتراها وصاحبة لها تعرف (بشذر) في يوم واحد. فحملت شذر وولدت (أم ابنها)؛ فحستدها (شكل) وبلغ بها الحسد إلى أمر عظيم من العداوة حتى اشتهر ذلك. وحملت (شكل) وولدت أبا علي. وماتت أماهما؛ وبقيت العداوة بين أبي علي وأم ابنها، حتى بلغ الأمر إلى أن تهاجيا بالأشعار، وشاع أمرهما في جميع آل الرشيد. فلما قتل الأمين وورد المأمون إلى بغداد جلس يوماً وعمه إبراهيم بن المهدي وأبو إسحاق أخوه والعباس ابنه، وتذاكروا العداوة التي بين هذين، فقال: لقد سمعت بخبر عداوتهما بخراسان ولقد هممت أن أصلح بينهما. ووجّه فأحضر أم ابنها وأقبل يعاتبها وهي مطرقة لا تردّ جواباً. ثم أمر بإحضار أبي علي، فلما رأته أم ابنها تنقَّبتْ وسترتْ وجهها. فقال المأمون: كنت مُسفرة فلما حضر أخوك تنقبت؟ قالت: والله يا أمير المؤمنين لسفوري بين يدي عبد الله بن طاهر وعلي بن هشام، أوجب من سفوري لأبي علي، فوالله ما هو لي بأخ ولا للرشيد بابن، وقد قال الله عز وجل: (الذين أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). قال ابن عباس: (آمنهم من البرص والجذام). . . وهو والله أبرص، ما هو إلا ابن فلان الفراش. . .! فأمر المأمون أخاه أبا إسحاق فجلدها حداً. فقالت: (سوءة يا أمير المؤمنين أن تحد أختك لابن الفراش وسننت على بنات الخلفاء الحد، فوالله لقد ظننت أن أمره يستتر: فأما الآن فوالله لتتناقله الرواة وليتحدثن به إلى أن تقوم الساعة. ونهضت فقال المأمون: قاتلها الله. . . فلو كانت رجلاً لكانت أقعد بالخلافة من كثير من الخلفاء. . . وقلد أبا علي الصلاة على جنائز أولاد الخلفاء ليدرأ عنه العيب

(لهذا الفصل بقايا)

(دمشق)

صلاح الدين المنجد

<<  <  ج:
ص:  >  >>