للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً. فنظر إليه رسول الله ثم قال: من لا يرحم لا يرحم. وقال أعرابي للنبي: تقبلون الصبيان؟ فما نقبّلهم. فقال: (أو أملك لك آن نزع الله الرحمة من قلبك؟)

هكذا أشاد الإسلام بحقوق القرابة وأواصر الأسرة ووكد رعايتها وجعل لها مسحة من التقديس، لأن الناس لا يتاحبون ويتوادون ويتعاونون إلا ان تبدأ هذه المحبة وهذا التعاون من الأسرة، ثم تتسع عاطفة الخير فتعم القريب والبعيد، وتفيض على الأمة كلها ثم تنال الناس جميعاً

وإنّا لنرى اليوم أواصر الأرحام تنقطع، وعرى القرابة تنفصم، وبناء الأسرة يهن بما بعدنا من قرآننا وديننا وتاريخنا وسنننا. شغل رب الأسرة عن أسرته، وثارت بالأولاد الفتنة، وظن الأحداث إن الحرية أن ينتهكوا حرمات الأسرة، وأن الجِدّة أن يثوروا على سلطان الوالدين

ألا إن على المصلحين أن يطبوا لهذا الداء، وأن يبذلوا ما يملكون من فكر وعمل في تقوية أواصر القرابة وإحكام بناء الأسرة على قواعد من الحب والإيثار، وإكبار الكبير والعطف على الصغير، والتعاون على الخير والحق

خاتمة

قصصت عليكم طرفاً من أخلاق القرآن، وحدثتكم بنبذة من آدابه وشذرة من وصاياه، وإن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

تكلمت عن العدل، والوفاء بالعهد، وعن الإحسان والصدق والصبر والعفو ولم أرد أن أستقصي أخلاق القرآن وآدابه فهي شريعة الإسلام الأخلاقية كلها، وهي تهدي إلى ما بعدها وترشد إلى ما وراءها. والقرآن الكريم كنز من الأخلاق لا يفنى، ومنبع للفضائل لا ينضب. فليت المسلمين يرجعون إليه ليتبينوا سننه، ويتخلقوا بأخلاقه، ويتأدبوا بآدابه، لتكون لهم عصمة في هذا العصر المفتون، وقبساً وعزاً من هذا الذل، واجتماعاً من هذه الفرقة، وعلماً من هذه الجهالات، وهدى من هذه الضلالات، ولتكون لهم بعد الشقاء سعادة، وبعد الشدة رخاء، وبعد العسر يسراً.

أَلا إن كتاب الله الكريم لا يدعو إلى أخلاق الصوامع كما بينت لكم، ولكن يدعو إلى أخلاق

<<  <  ج:
ص:  >  >>