العرب على العلوم الرياضية وما أخذه الغربيون من هذه العلوم، وتأثير ذلك في تقدمها. والمقالة التالية مجمل من ترجمة نابغة من نوابغ العلماء المسلمين قال عنه سخاو:(انه اكبر عقلية عرفها التاريخ في كل عصوره).
مولده ومنشؤه
هو محمد بن أحمد أبو الريحان البيروني الخوارزمي أحد مشاهير رياضيي القرن الرابع للهجرة ومن الذين جابوا الأقطار ابتغاء البحث والتنقيب. ولد أبو الريحان في خوارزم عام ٣٦٢هـ - ٨٧٣م ويقال أنه اضطر أن يغادر مدينة خوارزم على أثر حادث عظيم إلى محل في شمالها اسمه (كوركانج) وبعد مدة تركه وذهب إلى مقاطعة جرجان حيث التحق بشمس المعاني قابوس أحد أحفاد بني زياد وملوك وشمكير، ثم عاد إلى كوركانج وتمكن بدهائه أن يصبح ذا مقام عظيم لدى بني مأمون ملوك خوارزم. وبعد أن استولى سبكتكين على جميع خوارزم ترك أبو الريحان كوركانج وذهب إلى الهند فبقي مدة طويلة (ويقال انه سافر فيها أربعين سنة) يجوب البلدان ويقوم بأبحاث علمية كان لها تأثير في تقدم بعض العلوم. وقد استفاد البيروني من فتوح الغزنوبين في الهند وتمكن من القيام بأعمال جليلة؛ فانه استطاع أن يجمع معلومات صحيحة عن الهند، ويلم شتات كثير من علومها ومعارفها القديمة. وأخيرا رجع إلى غزنة ومنها إلى خوارزم ولم يعرف بالضبط تاريخ وفاته. وإنما الراجح أنه توفي سنة ٤٤٠ هجرية - ١٠٤٨ ميلادية.
تنقلاته العلمية ومآثره:
كان البيروني رياضيا وفلكيا وطبيباً ومؤرخا وجغرافيا. وهو أبرز شخصية بين علماء عصره الذين بفضلهم كان للعرب عصر ذهبي تقدمت فيه العلوم تقدمها المعروف. قرأ فلسفة الهند وله فيها وفي الرياضيات والفلك مؤلفات كثيرة، وهو من أوسع علماء الإسلام اطلاعا على آداب الهند وعلومها ويقال انه ضرب بسهم وافر في الجغرافيا حتى أن أبا الفداء كان يعتمد أحياناً في أبحاثه الجغرافية على كتب أبي الريحان. قال سيديو: إن أبا الريحان (اكتسب معلوماته المدرسية البغدادية ثم نزل بين الهنود حين أحضره الغزنوي فأخذ يستفيد منهم الروايات الهندية المحفوظة لديهم قديمة أو حديثة، ويفيدهم استكشاف أبناء