وتشرتشل من يومه يحب الصيال والنضال، ولعل نضاله اليوم هو أعلى مثل لما يستطيع الرجل الصئول أن يفعل، وهو يتكلم. . . ولكن أفعاله دائماً اكثر من كلامه وقد أشار هو نفسه إلى ذلك في خطبته الأخيرة التي أذاعها على الشعب يوم ٩ فبراير حيث يقول:(في أوقات الحرب توجد أشياء كثيرة تستحق القول ولكن شعارنا دائماً الأعمال لا الأقوال)
إن كتاب الأستاذ فؤاد صروف عن تشرشل هو قطعة من أدب الحرب؛ وكثيراً ما كتب صديقنا في أوقات السلم عن العلم والصناعة فأجاد في كل فن تناوله. وهو حين يكتب اليوم عن حياة رجل كُتب له أن يدير أفظع حرب عرفها التاريخ فإنما تجيء كتابته دائماً على الغرار الذي عودنا والنهج الذي طالعنا. وهو غرار فيه وضاحة في التعبير، وتسلسل في الأداء، ومتابعة للحوادث.
لقد قرأنا كثيراً عن وحوش هذه الحرب الطحون، فهل آن لنا أن نقرأ عن مصارعي تلك الوحوش؟
الحق أن كتاب تشرشل هو أول خطوة في هذه السبيل؛ فلعلنا نسمع غداً عن وايفل، وويلسون، وأوكونور، وماكي، وبيغر بروك، وماتكساس، وغيرهم من أبطال النضال وأعلام القتال؟
إن تاريخ هؤلاء العظماء يجب أن يتلى في كل زمان ومكان، ويجب أن ينتقل إلى كل لسان. لأنهم - كما كتبت إليَّ مسز ساتيز الكاتبة الأمريكية - لا يدافعون عن بريطانيا فحسب، ولكنهم يدافعون عن قضية الحق والسلام.