وبعد لحظات فتح الباب برفق، ودخلت كاترينا وهي تتثاءب وعيناها شبه مغلقتين كأنها مستيقظة من نوم عميق. . . وأفاقت في التو من تأثير مخدر! وجلست على الديوان وهي تفرك عينيها ووضعت ساقاً فوق أخرى ومالت بجسمها إلى الوراء وقالت وهي أسبه بالنائمة أو الحالمة:
- لماذا تأخرت هكذا؟ كنت في الكازينو طبعاً. . . لقد أبصرت بك ليزا مع بعض الغواني. . .
فصمت ولم أجب. . . ونظرت إلى هذه الفتاة وهي تتكسر وتتثاءب، وتتصنع التعب الشديد وتحاول الاستفاقة من النوم، وقد كانت منذ لحظة في أحضان رجل، وحاولت أن أقرأ في عينيها شيئاً ينم عن حقيقة أمرها فلم أستطع.
وجلست وهي تسارقني النظر. ثم نهضت ومشت إلى صوان الملابس وجاءت لي بجلبابي. فتناولته منها، ودفعتها عني فابتعدت قليلاً ولم تقل شيئاً، وظلت هادئة ووجهها ساكن الطائر ونظراتها لا تتغير.
وقلت بصوت خشن وقد تحول بصري عنها
- والآن أريد أن أنام يا كاترينا.
- ألا تريد شيئاً. . .؟
فرفعت وجهي ونظرت إليها نظرة يتطاير منها شرر الغضب. فوقفت في وسط الغرفة أكثر من دقيقة وهي لا تبدي حراكاً ولا تحرك ساكناً. . . ثم مشت متثاقلة إلى الباب. . .
وأغلقت الباب وراءها بعنف وغيظ ولا أدري لماذا كنت أحمق إلى هذا الحد.
وذهبت مرة إلى مطعم من مطاعم السمك الفخمة في شارع كارول لأتعشى. . . بعد أن ترددت طويلاً في ولوج بابه. . . وجلست في ركن بعيد عن الخلق وأنا شاعر بالنفور والقلق. . . ودرت ببصري الحائر فيمن حولي. . . كما ينظر الرجل الغريب إلى قوم لا يعرفونه. . . وشد ما كنت دهشتي عندما لمحت كاترينا جالسة إلى مائدة في وسط القاعة مع كهل أنيق الملبس رائع المظهر. . . وكانت ترتدي ثوباً من الحرير الفاخر لا نرى مثله إلا في قصور الأمراء!. . . ولما وقع بصرها علي ابتسمت وأحنت رأسها في أرستقراطية أصيلة!. . . ولمحت في عينيها وهي تنظر إلي ذلك البريق الخاطف الذي يبدو ثم يختفي