هذا العام. وقد رأيت بهذه المناسبة أن أدلي ببعض الملاحظات بشأن هذه الدرجة العلمية التي لا أشك في أن الأزهر يفتتح بها في حياته الدراسية الحافلة عهداً جديداً سيكون ذا أثر بعيد في توجيه نشاطه العلمي توجيهاً صحيحاً.
وقبل أن أدلي بهذه الملاحظات، أود أن أنوَّه بظاهرتين جديرتين بالتسجيل، تجلتا بوضوح أثناء المحاضرات العامة والمناقشات العلنية:
الأولى: أن الأزهريين قد خطوا خطوة موفقة في التقريب بين طريقتهم الخاصة في التعمق في النقاش والبحث والتحليل اللفظي، والطريقة الحديثة في العرض المنظم والابتكار، بما جعل جمهور المستمعين يدرك أن الطريقين تتكاملان ولا غنى عن الاستعانة بهما معاً في الدراسات الأزهرية في العصر الحاضر.
الظاهرة الثانية: وجود مدرستين علميتين في الأزهر: المدرسة القديمة التي تتشبث بما خلف السلف من تراث علمي تقف بنشاطها عند حد تفهمه وتفهم أحكام الشريعة والعلوم المتصلة بها في نطاقه؛ والمدرسة الحديثة التي ترى أن السير على منهاج أولئك الأئمة الأمجاد يقتضي بذل المجهود الشخصي المستقل لأداء رسالة العصر الحاضر للشريعة وعلومها، كما أدوا رسالة عصورهم لها؛ ومن وافر حظ الأزهر أن تتم الغلبة للمدرسة الحديثة في ظل إدارته الحالية.
تفضل الأنظمة التي اتبعت في امتحان هذه الدرجة نظائرها المتبعة في امتحانات الدكتوراه في الجامعات الأخرى في نواح، كما تقصر عنها في نواح أخرى.
أما ما تفضلها فيه فهو:
١ - إلزام طلاب (الأستاذية) بإلقاء محاضرات عامة تعطى مع الرسائل فكرة صحيحة عن مقدرة كل منهم في الإبانة بالقول والكتابة والبحث.
غير أننا نلاحظ على المحاضرات والرسائل أن موضوعات معظمها أبواب عامة من الفقه لا يكون للمجهود الشخصي فيها سوى أثر ضعيف قوامه التجميع والتنظيم. وعهدنا بموضوعات الرسائل والأبحاث الجامعية التي من هذا القبيل أن يتناول كل منها بالبحث نقطة معينة يتولى الباحث تقرير كيان مستقل لها مما لا يبرز فيه سوى المجهود الشخصي المستقل.